غزوا وهم أهدى من القطا فيأْتون عَلَى ذلك البض ويستثيرونه ويشربونه وحدثني أبو حاتم قال: حدثني الأصمعي أن السليك كان يعدو فتقع سهامه من كنانته بالأرض فترتز وكان يقول في دعائه اللهم إني أعوذ بك من الخيبة وأما الهيبة فلا هيبة.
وقرأْت في كتب العجم بهرام جور كان في حجر ملك العرب بالبادية فلما بلغه هلاك أبيه وأن الفرس عزموا عَلَى أن يملكوا غيره سار بالعرب حتى نزل السواد وصالبهم بالملك وجادلهم عنه حتى اعترفوا له بالحق وملكوه.
وقد كان كسرى أغزى بني شيبان جيشاً فاقتتلوا بذي قار فهزمت بنو شيبان أساورة كسرى فهو يوم ذي قار ثم كان من أمر العرب وأمر فارس حين جمعهم الله لقتالهم بالأمام وساسهم بالتدبير مالا حاجة بنا إلى الإطالة بذكره لشهرته.
ومما يدلك عَلَى تعزز القوم في جاهليتهم وأنفتهم وشدة حميتهم أن أبرويز ملك فارس وأشدها سطوة وأثخانا في البلاد خطب إلى النعمان بن المنذر إحدى بناته فرده رغبة بها عنه ولم يزل هاربا منه حتى ظفر به فقتله.
وكان لقريش بيت الله الحرام العتيق من الجبابرة المنصور بالطير الأبابيل لمْ يزالوا ولاته وسدنثه والقائمين لأموره والمعظمين لشعاره وكان يقال لهم أهل الله وجيران الله لنزولهم الحرم وجوارهم البيت وكان فيهم بقايا من الحنيفية يتوارثونها عن اسمعيل صلى الله عليه وسلم منها حج البيت الحرام وزيارته والختان والغسل والطلاق والعتق وتحريم ذوات المحارم بالقرابة والرضاع والصهر.
وقد كان حاجب بن زرارة وفد عَلَى كسرى فرأَى العجم ينكحون الأخوات والبنات فسولت له نفسه التأسي بهم والدخول في ملتهم فنكح ابنته ثم ندم عَلَى ذلك فقال:
لحا الله دينك من أغلف ... يحل الخوات لنا والبنات
أحشت عَلَى أسرتي سوءةً ... وطوقت جيدي بالمخزيات
وأبقيت في عنقي سبة ... مشاتم يحيين بعد الممات
فتاة تجللها شيخها ... فبئس الشييخ ونعم الفتاة
ومما كان بقي فيهم من الحنيفية أيمانهم بالملكين الكاتبين حدثني بعض أصحابنا عن عبد الرحمن بن خالد الناقد قال كان الحسن بن جهور مولى المنصور خرج إلى بعض ولد