مجله المقتبس (صفحة 3026)

وقال أيضا: غلبت بطنتي فطنتي.

وقال عمرو بن العاص لمعوية يوم حكم الحكمان: أكثروا الطعام فوالله ما بطن قوم إلا فقدوا بعض عقولهم، وما مضت عزمة رجل بات بطينا.

ومثل هذا كثير لمن تتبعه فكيف تكون المعرفة بالطعام والأدب عليه إلا كما وصفنا فأما تركهم أنضاج اللحم فلا أعلمه إلا في موضع واحد وهو إذا سافروا وغزوا فإنهم يتمدحون بترك الأنضاج لعجلة الزماع وقال الشماخ:

وأشعث قد قدَّ السفار قميصه ... يجز الشواء بالعصا غير منضح

وقال الكميت:

ومرضوفة لم تون في الطبخ طاهياً ... عجلت إلى محورها حين غرغرا

ولم يزل الشرب إذا اجتمعوا والأحداث من أولاد الملوك وغيرهم يبادرون بالنشيل قبل النضج.

قال أعرابي نحر بعيره وشرب:

عللاني إنما الدنيا عُلل ... ودعاني من ملام وعذل

وانشلا ما أغبر من قدريكما ... وأسقياني أبعد الله الجمل

وأما أكلهم سقط المائدة فإنه أكرام للطعام وإعظام للنعمة وجنس من الشكر لواهبها ونبذه في المزابل استخفاف به وتصغير له وبخس بمؤْتيه حق عطيته، ومن وهب لك شيئاً صنته وعظمته سمحت لك نفسه بالزيادة منه، وإن احتقرته وازدريته كان حريا أن يقطعه والطعام أعظم نعم الله عَلَى خلقه بعد معرفته لأنه مثبت الروح وممسك الرمق فمن صانه فقد عظم نعمة الله واستوجب زيادة الله ومن امتهنه في غير ما خلق له فقد صغرها واستوجب سخط الله.

حدثنا يزيد بن عمرو قال حدثنا أيوب بن سليمان عن محمد بن زيادة عن ميمون بن مهران عن ابن عباس قال ولا أعلم إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم بأكل سقط المائدة وزغبنا فيه.

والعجب عندي من قوم نحلتهم الإسلام ونبيهم محمد صلى الله عليه وسلم ثم تتابعت الأخبار عنه بشيء أمر به أو نهى عنه فيعارضون ذلك بالعيب وبالطعن من غير أن يعرفوا العلة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015