الزهور التي تصل يدنا إليها بسرعة على الطرق ونحن سعداء إذا لم نكن ممن أصابت أيديهم شوك وعوسج وإذا كنا ممن خانتنا السعادة فعلينا أن نجعل سرور غيرنا علة لسرورنا أنفسنا وعلينا أن نعمد إلى صالح الأعمال بدون جزاء وأن لا نبتعد قط عن خطة الواجب ننظر في مرآة ماضينا بدون ألم لوجداننا وعلينا حتى نسعد أن ننظر إلى تحتنا لا إلى من فوقنا ولا نكدر عيشنا بخوف ما يحدث وربما لا يحدث فكم عذاب يا رباه يحدث لنا من الشرور التي لا تلحقنا تبعتها.
فالعاقل يستمتع بما ملكت يداه وينظر إلى المستقبل باسماً ويقول إن الحياة زائلة والأيام معدودة فلماذا لا أغتنم السعادة الحاضرة. فإذا طرق البؤس بابي ذات يوم أتلقاه باحتشام رجل عرف الاستمتاع بالأيام الرائقة. وقليل في الناس اليوم من يرضون بما قسم لهم بل يطلبون أرقى منزلة مما هم فيها ويطمحون إلى أسباب ليست لهم ومن موجبات الأسف ما تسمعه من شكاوي الناس الذين يشكون مما لا يشتكى منه وليس لبؤسهم أثر إلا في مخيلتهم أو في أطماعهم التي لا تشبع وهم أبداً في خيبة مهما أُعطوا ولو عقلوا لكانوا سبب سعادة للبائسين في الأمور التي يبكون منها وينتحبون. قال فوستل دي كولانج المؤرخ إن الواسطة الوحيدة لسعادة الإنسان هو أن لا يفكر في نفسه بل يعمل لغيره وأن ينصرف بكليته إلى عمل يعتقد نفعه فالبشر لم يجدوا حتى الآن أسباباً توليهم السعادة والملاذ تعزف عنها النفس بسرعة والمطامع لا حدَّ لها فالإخلاص هو الذي فيه الهناء والجزاء في ذاته.
إذا نقص شيءٌ مما تريد ففكر فيمن لا يملكون شيئاً في هذه الدنيا. ذهب أحد الفقراء لزيارة إحدى الأماكن المقدسة ولم يكن له حذاءٌ فمشى على الأدغال والشوك يدمي رجليه والحصا يصرُّهما وكان طول طريقه يشكو سوء طالعه وقلة ذات يده قال أنه لما وصل إلى المكان المقصود رأى زواراً أتعس حالاً منه رأى أعمى لا ساق له فقال بعد أن رأيت ما رأيت لم أعد أشكو من فقدي حذاءً ألبسه في رجلي.
عمر الحيوانات
قليل في الناس من يعلمون كم تعمر الحيوانات فالحصان يعيش خمساً وثلاثين سنة والبقر ثلاثين في الأكثر ويبلغ البغل سن الستين والكلب لا يصل إلا إلى الخامسة والعشرين والهر الخامسة عشرة ومثله العنز والغنم وقد شوهد خنزير عمره عشرون سنة ولكن من النادر أن