السعادة أيها الفاني الجزوع هي بنت الأمل
هي في فؤادنا وهي تلوج الطهر والعفاف
تقام نذورنا وتأتي غير منتظرة
هذه الهدية من الخالق هذه الجذوة السماوية
لا يتأتى تعريفها فهي خبز الروح
لاتعرف قيمتها إلا بفقدها
والحق مع كارنو الكبير في جعله السعادة ابنة الوجدان المستريح وأنها خاصة بالأمل ومن لم يقع له أن تحقيق رغبة طلبت زمناً لا تنشأ عنها المسرة التي كانت تتوقع منها قبل الحصول عليها فأجمل القصور وأزهاها للسكنى القصور التي يبنيها صاحبها في إسبانيا (أي الاشتغال بعالم الخيال) وإن ما يبعد السعادة من طريقنا عدم قناعتنا بما يحصل في اليد ونغتبط به فمعرفة السعادة هي حسن استعمال ما في الحياة من صالح وعدم مطالبتها بما لا تستطيع أن تمنحه.
ولربما رأينا زوجين تكدر عيشهما بعد اقترانهما لأن الزوجة نظرت إلى أرفع منها مقاماً فحسدتهن وأرادت بمال زوجها تنافسهن فما هي إلا عشية أو ضحاها حتى تحمل بعلها على الاحتيال للمعاشر يأتيها بما تريد لبذخها وإسرافها ليترك سنن الاقتصاد والبساطة ويحاول أن يسعد امرأته أكثر من إسعاد الفطرة فما هو إلا أن تسود الدنيا في عينيه وعينيها ويضطر إلى الابتعاد عنها في طلب مظاهر الرفاهية وإذا رزقا أولاداً لا يكون منهم غير تنغيص العيش والشكوى على حين هم شمامة الأنس وريحانة النفس.
ليس لك من الحياة إلا ما أعددته وكثيراً ما نكون نحن العاملين على شقائنا بأنفسنا فبقليل من العقل والخبرة كان في وسع هذه المرأة التي جعلت حياتها بيدها لمجاهدة البؤس أن تكون بزواجها أسعد مما هي وكان لزوجها بشيء من المضاء والعمل وحسن السلوك بدلاً من أن يعيش في البؤس أن يصبح ذا مقام متناسب مع ذوقه وأصله وأمانيه ولو صحت عزيمة تلك الأم على أن يكون لها حنان حقيقي لاستطاعت أن تحسن تربية أبنائها الذين هم علة شقائها وربما خجلها.
الحياة دار ممر لا دار مقر لا يقف فيه السائر فالواجب التقدم على الدوام والاكتفاء بجني