من قبل على كليات الولايات الفرنسوية ولا سيما كلية مونبليه وذلك على عهد الخديوي إسماعيل لأنه كان يعتقد أن أهل مونبليه أقل معاداة للملوك وأبعد الفرنسويين عن التطرف.
قضيت في ليون يومين لزيارة معالمها ومشاهدة صديقي محمد لطفي أفندي جمعة الكاتب الخطيب الغيور فرأيت فيها غاية الرقي الاجتماعي والتكافل الإنساني والذوق الفرنسوي وفي مثل مدينة ليون من قواعد البلاد تعرف حقيقة الفرنسيس لما يشهده السائح فيها من السكون والانقطاع إلى الأعمال الشريفة فلا يسفون كأكثر سكان العواصم في الأغلب للمكاسب الدنيئة أو يرضون بأن يكونوا عالة على الحكومة يأخذون رزقهم من خزانتها بالتوظيف والاستخدام.
وياما أبهج ساحة بللكور (الفناء الجميل) يوم الأحد والرجال والنساء والأولاد غادون رائحون فيها لا تقرأ في وجوههم غير الأدب ولا في حركاتهم إلا التربية البيتية العالية والتشبع بالنظام المدني المعقول حتى إذا جن الليل يختلف القوم إلى دور التمثيل وأماكن اللهو والطرب وسماع الخطب والمحاضرات وهكذا ليلهم كنهارهم عمل وراحة واستفادة وإفادة أخذوا بحظ وافر من دنياهم ولم ينسوا تعهد آدابهم. فليون بلد طيب أمين يسكنه المهذبون العاملون.
ولقد كنت كلما وقع نظري في ليون على شارع عظيم أو بناء جسيم تحدثني النفس بسورية فأقول متى يا ترى يكون فيها مثل ما في ليون على الأقل ولو أن عمران ليون وحدها وهي إحدى مدن فرنسا وما فيها من قوة مادية وأدبية وزعت على سورية من عريش مصر إلى الفرات ومن البحر المتوسط إلى أقصى بداية الشام وحدود نجد والحجاز لغدت سورية وهي في مساحتها نحو مساحة فرنسا كلها من حيث عمرانها أرقى مدن المعمورة ولكن الرزق لا يأتي بالتمني والوجود لا ينتفع به إلا من يحسنون استخدام ما فيه من القوى والعناصر.
تحية باريز
9
سلام عليك مرضعة الحكمة. وربيبة الرخاء والنعمة. وروح الانقلابات الاجتماعية والسياسية. وحيية المدنية الأصلية في الأقطار الغربية والشرقية. ومعلمة العالم كيف يكون الخلاص من الظالمين. والضرب على أيدي الرؤساء والنبلاء والمالكين. أنت هذبت طبائع