أمثال أبي الطيب وأبي عبادة وأبي نواس والشريف الرضي وأبن حمديس وأبي فراس الحمداني.
يرجع الفضل الأكبر في انتشار دواوين الأدب والتاريخ واللغة من كتبنا لعلماء المشارقة من الغربيين أمثال دوزي ودساسي ووستنفيلد وعشرات غيرهم من أهل أوربا ولبعض ما نشره اليسوعيون في مطبعتهم المتقنة في بيروت وما نشرته الجمعيات الكثيرة التي أُلفت في أوقات مختلفة في مصر لإحياء الكتب العربية وآخرها تلك الجمعية التي طبعت لنا المخصص لأبن سيده وأحسن كتاب عني بطبعه في شرقنا ولما طبعته المطبعة الأميرية ومطبعة الجوائب ومطابع الجرائد في مصر والشام وتونس. كل هذه الأعمال أعانت العربية على تحسين آدابها وترقيتها. ولا ننسى غيرة أولئك الذين نسجوا في منظومهم ومنثورهم على مناحي الأوروبيين من حيث قلة الكلفة ومجاراة الطبع ومحاكاة الطبيعة ووصف عواطف النفس بإيجاز وإعجاز وأولئك الذين وقفوا أنفسهم منذ عشرات من السنين يعربون لنا كل يوم في جرائدهم ومجلاتهم أفكار الغربيين في سياستهم وعلومهم واجتماعهم فكوَّنوا مجتمعنا الأدبي على ما ترونه وجددوا للغة شبابها بحيث أمنا بفضلهم عليها من العفاء وأصبحنا نرجو لها دوام النماء والارتقاء.
أنا لا أقدم لكم مثالاً من أمثلة ارتقاء لغتنا أكثر من أن أحيلكم على مراجعة مجموعة من جرائدنا العربية قبل ثلاثين سنة مثل الجنان والجنة في سورية والفلاح والمحروسة في مصر وأن ترجعوا إلى كتابة الدواوين في مصر في منتصف القرن الماضي مثلاً وترجعوا إليها اليوم وإن كانت إلى الآن عشيقة الركاكة بعض الشيء. قابلوا المنشورات التي تصدر اليوم في الوقائع الرسمية في مصر وما كان يصدر من أمثالها منذ مئة سنة مما أورد الجبرتي في تاريخه نموذجاً صالحاً منه بنصه وفصه. عارضوا بين لغة القضاء اليوم وما تفيض به ألسن المحامين وأقلامهم في مصر من التفنن في أساليب الدفاع والتأثير الخطابي وبين ما كان للغة من نوعها مما ذكر صاحب كتاب المحاماة طرفاً صالحاً منه يتجلى لكم كيف ارتقت لغة القضاء. استمعوا للخطباء اليوم ممن درسوا الدروس النظامية وتشبعوا بالعلوم العصرية وقابلوها بأكثر ما يحفظه خطباء الجوامع أو يقرأونه من السجعات في دواوين الخطب القديمة. تدبروا لغة التمثيل اليوم وإن كنا فيه دون سائر فروع الآداب