الشرقي على وادي التيم وجبل الشيخ (حرمون) أي على قضاءي حاصبيا وراشيا وما إليهما والبقاع فاصل بين اللبنانين. وحدَّه القدماء فقالوا: (1) أنه جبل مطل على حمص يجيء من العرج الذي بين مكة والمدينة حتى يتصل بالشام فما كان بفلسطين فهو جبل الحمل وما كان بالأردن فهو جبل الجليل وبدمشق سنير وبحلب وحماة وحمص لبنان ويتصل بأنطاكية والمصيصة فيسمى هناك اللكام ثم يمتد إلى ملطية وسميساط وقاليقلا إلى بحر الخزر فيسمى هناك القبق قال وفي لبنان سبعون لساناً لا يعرف كل قوم لسان الآخرين إلا بترجمان وفيه من جميع الفواكه والزروع ممن غير أن يزرعها أحد وفيه يكون الأبدال من الصالحين. وقال القلقشندي ثم يمتد لبنان إلى الشمال ويجاور دمشق وإذا صار في شماليها سمي جبل سنير.
وعلى ذكر الصالحين نقول أن لبنان مشهور منذ القديم بانقطاع الناس إلى العبادة فيه قال ابن جبير في كلامه على العلم والمتعلمين في الشام في القرن السادس للهجرة ما نصه: وكل من وقفه الله بهذه الجهات من الغرباء للانفراد يلتزم أن أحب ضيعة ويلتزم الإمامة أو التعليم أو ما شاء ومتى سئم المقام خرج إلى ضيعة أخرى أو يصعد إلى جبل لبنان أو إلى جبل الجودي فيلقى بها المريدين المنقطعين إلى الله عز وجل فيقيم معهم ما شاء وينصرف إلى حيث شاء. ومن العجب أن النصارى المجاورين لجبل لبنان إذا رأوا به أحد المنقطعين من المسلمين جلبوا لهم القوت وأحسنوا إليهم ويقولون هؤلاء ممن انقطع إلى الله عز وجل فيجب مشاركتهم وهذا الجبل من أخصب جبال الدنيا فيه أنواع الفواكه وفيه المياه المطردة والظلال الوارفة وقل ما يخلو من التبتل والعبادة. وقال ابن بطوطة في القرن الثامن: إن جبل لبنان من أخصب جبال الدنيا فيه أصناف الفواكه ولا يخلو من المنقطعين إلى الله تعالى والزهاد والصالحين وهو شهير بذلك ورأيت فيه جماعة من الصالحين قد انقطعوا إلى الله تعالى ممن لم يشتهر أسمه.
قلنا ولذلك نرى المعروف اليوم بالإحصاء أن في لبنان نحو ألفي راهب وراهبة لهم 118 ديراً ما عدا الكنائس والبيع والصوامع التي لا تخلو قرية عن واحدة أو عدة منها ولا يقل دخل الرهبنات والأديار فيه عن مئة وخمسين ألف ليرة في السنة كما أكد بعض العارفين. وهو نحو ثلث أيراد لبنان بأسره. وفيه المحابس التي ينقطع فيها النسك بعض الرهبان