الجنوب وآخرون ينزلون كندا وغيرهم اوستراليا وفريق السنيغال فكأن عدوى الانتقال تسري إليهم بالعشرة فلا يحب المواطن إلا أن يقلد مواطنه في مآتيه ومنازعه بل في شقائه وسعادته. وقد اذكرنا هذا بحال العرب في الفتح وبعده فكان القيسيون ينزلون بلد كذا واليمانيون إقليم كذا ثم لما امتدت الفتوحات وفتحوا الأندلس كان جند الشام يختار بقعة غير التي اختارها جند حمص ولذلك كان الجند يدعون كل بلد ينزلونه باسم بلدهم الأول كما يحاول بعض مهاجرة السوريين الآن ذلك في الولايات المتحدة.
وفي اليوم الثالث قصدنا مشغرة فمررنا بجسرها المخرب الممتد على نهر الليطاني وانجدنا قاصدين جزين أول حدود لبنان إلى الجنوب. ومشغرة أقصى بلد عامر بالزراعة والصناعة في البقاع الغربي وهي مشهورة إلى الآن بدبغ الجلود للأحذية اشتهار مدينة زحلة أو أكثر والمسافة بين مشغرة من أعمال ولاية سورية وحزين من متصرفية لبنان ثلاث ساعات تعلو قمة عالية ثم تنحدر في واد عميق.
ومع أن قضاء البقاع من أعمر أقضية ولاية سورية بزراعته لخصب تربته وتوفر المياه الدافقة عليه من سفوح لبنان الغربي ولبنان الشرقي ومتاخمته لجبل لبنان الذي يحتاج لكل ما تنبته أرض البقاع من الحبوب والثمار ومع كثرة الأعيان الذين يملكون فيه المزارع والأراضي الواسعة ومنهم من أنشأ فيه حقولاً انموذجية حقيقية وصرفوا عليها الأموال الطائلة واستخدموا لها أحدث الطرق الزراعية كالأراضي التي عمرها نجيب بك سرسق في عميق ودير طحنيش وأقامها الآباء اليسوعيون في تعنايل - مع كل هذا العمران المستبحر وما تأخذه النافعة من أموال الآهلين كل سنة باسم الطرق والمعابر لا ترى في القضاء طريقاً مسلوكاً اللهم إلا طريق الشام القديم الذي تركته شركة الديليجانس لما أنشئ خط بيروت الحديدي. وقيل لنا أن الحكومة صح عزمها مؤخراً على إنشاء طريق عجلات بين المعلقة مركز القضاء وبين مشغرة في غربه وأن الطريق وصل أو كاد إلى قرية عيتنيت ولعله جسماً لا أسماً كأكثر الطرق التي أنشأها النافعة في الولايات فكانت لفظاً بلا معنى واسماً بلا مسمى لم ينشأ عنها إلا التعجيل في سلب نعمة الفلاح وخراب بيته باسم العمران وخدمة الأوطان.
وصف لبنان الطبيعي