مجله المقتبس (صفحة 2769)

الشمس. أما المحطات ذات الآبار وأكثرها قليلة العمق غالباً فإن مياهها تنضب بسرعة. فلا سبيل من ثم إلى إيجاد الماء الكافي للقاطرات والاستثمار إلا في بعض المحطات البعيد بعضها عن الآخر في الغالب وهذه الصعوبة في قلة الماء تزيد كلما توغل الخط متقدماً نحو المدينة. وللتغلب على هذه الصعوبات أضافوا أولاً إلى كل قاطرة مركبة حجمها 12 متراً مكعباً ثم استخدموا أحواضاً بمركبات تنقل الماء إلى المحطات التي يضطر فيها القطار إلى الاستقاء ولكن هذه الوسائط لم تخل من عوائق تجعل الخلل دائماً. فعقدوا العزم من ثم على حفر آبار عميقة جداً في كل 70 إلى 80 كيلومتراً ليمتاح منها الماء إلى البرك المغطاة. وقد جعلوا في الأماكن التي لم يتيسر فيها الحصول من الآبار على نتائج مرضية أحواضاً عظيمة مغطاة عمقها من 6 إلى 7 أمتار لتجمع فيها مياه المطر وتستعمل للشرب وجعلوا لها أدوات لتصفيتها من الأوساخ. ويحمل ماء الآبار والبرك إلى المحال اللازمة بواسطة مضخات بالبخار والأغلب بواسطة طواحين هواءٍ.

وقد حاولت الإدارة أن تفتح آباراً ارتوازية وحفرت بعضها إلى عمق 110 أمتار فلم تظفر بماءٍ ينبض وعللوا ذلك بأن السبب فيه إن ذاك السطح من الأرض يعلو من 800 إلى 1000 متر عن مساواة نهر الأردن فتسيل مياه الأمطار التي تتساقط هناك في الأحافير الكثيرة في الأرض نحو ذاك النهر. وربما كانت النتائج من ذلك أحسن كلما اقترب الخط من المدينة حيث تجري المياه إلى وجهة مخالفة.

ومعلوم أن سورية وبلاد العرب فقيرة جداً بغاباتها وليس فيها مناجم فحم أما الأصقاع التي يجتازها الخط الحجازي فهي خالية من كل ذلك بالمرة. فوقود القاطرات والوقود اللازم لتدفئة المستخدمين وطبخ طعامهم والاستصباح كل ذلك يجلب من الخارج إلى دمشق أو حيفا ومنها يحمل إلى المحطات الكثيرة حتى المدينة أي إلى مسافة زهاء 1400 كيلو متر وبهذا يرتفع سعر طن الفحم ارتفاعاً فاحشاً ولذا تبحث الإدارة في الاستعاضة عن هذا الوقود بزيت ثقيل يجلب من روسيا أو من الموصل على مقربة من بغداد.

كما أن الإدارة تفكر في طريقة تحفظ بعض التسويات الترابية فإن الخط في كثير من الأماكن ولا سيما في جهات العلا يجتاز أصقاعاً تربتها من رمال تسفيها الرياح الشديدة التي تثور في بعض فصول السنة فترتفع تلك الرمال تغشي الطريق وتسده وتحمل تلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015