ولأنها من بقايا القرون الوسطى على حين أن نشوء الدروس الذي وقع في الغرب منذ عهد النهضة قد صير الكتب المكتوبة باللاتينية بأقلام أساتذة علم الكلام معقدة غير مفهومة إن لم يصرف فيها المرء وقتاً طويلاً.
وفي المجموعة التي أهداها المستشرق المشار إليه عدة كتب مشهورة منها قطع من القرآن ربما كانت بخط ياقوت المستعمي الخطاط الشهير وقطعة من كشاف الزمخشري وقطعة من تفسير القرآن للبيضاوي من أوائل القرن الرابع عشر وقطعة من الحديث من القرن الثالث عشر ونسخة قديمة جداً من مقامات الحريري وكتاب في القرآات فارسي وشرح كافية ابن الجاحب بالفارسي.
وقد ظفروا بهذه المجموعة في سمرقند وهي تمثل صورة من صور علم الفقه والكلام عند السارتيين والتاجكيين في بخارى وسمرقند وكشغر وبعبارة أخرى صورة من صور علوم المسلمين في التركستان الرمسي والتركستان الصيني وبها يتمثل الناظر حالة المعارف عند كل من كانوا يعيشون في تلك الأنحاء من المسلمين لأن جزءاً كبيراً من الكتب التيتألف منها هذه المجموعة قد نسخت هناك.
وليس في هذه المجموعة إلا كتب خاصة بطائفة مهذبة من طوائف المسلمين إلى حد معلوم والنسخ الحديثة من كتب الفقه والنحو تدل على أن معرفة اللغة العربية التيهي أساس الدروس الإسلامية هي في أقصى دركات الانحطاط في تركستان على أن هذا الانحطاط يرد إلى أبعد من ذاك العهد لأنه وجد في عهد التيموريين في الكتب والمكتوبات على الأحجار من الأغلاط الفادحة ما يستدل منه أن معرفة اللغة العربية هو أحط من ذاك العهد مما هي عليه اليوم في فارس حيث أصبح طلاب الفقه دع عنك المجتهدين ولاسيما في النجف وكربلاء أساتذة في أسرار علوم الصرف والنحو.
وهذه النسخ بالإجمال استنسخها أناس لم يعنوا بها حق العناية وليس لهم فيها ذوق حتى إن بعضها لم يكتبوا عليه اسمه واسم مصنفه لجهلهم في الغالب. وهذا الجهل وهذا الإهمال يكفيان لبيان السقوط المريع الذي أصيب به ذاك الذي يسكن تلك الأقطار التي كانت فيما غبر مهد العلوم والآداب.