الشرطة ولإنقاذ أوراق ومستندات محظورة. وقد سجنت هذه الفتاة الفتانة التي خلقت للحركة والاضطراب والشجاعة والثورة عشرين سنة في سجن شلوسبورج وخرجت منه بحماستها الأولى ومراميها التي طالما سعت لها سعيها.
ويرى العدميون (نيهيلست) أن من الأخلاق التيفطر عليها النساء فكانت من قلواههن الأدبية أنهن إذا سجن والرجال في الحبوس أو نفين إلى سيبيريا يعشن أكثر من الرجال ولا ييأسن كالرجال على حين يموت الرجال أو ينتحرون أو يجنون لا قليلاً أو يغضبن من وحدتهم ومن بعدهم إلى الأبد عن عالم الأحياء.
ولعل أحدهم يقول أن أمثال هؤلاء النساء هن من النادرات يرزقن عاطفة الحب والمفاداة والمقاومة وأنه قد ينشأ مثلهن وكم ترى في النساء من النابغات في الأدب فجورج ساند وأليصابات بروفنيك وجورج أليوت وبشير ستاف ومدام هومفري وأرد كلهن من الأديبات اللائي يقلُّ أمثالهن في الرجال على أن النساء والرجال أيضاً الذين اشتهروا بقواهم الأدبية وأفكارهم السياسية لا ينبغن إلا في مجتمع أو في دور يكون فيه مستوى المكارم والآداب راقياً جداً.
وقد أظهر البحث أن نصف النساء من الشجاعة على جانب عظيم إذا نميت فيهن هذه القوة أتين بالأعاجيب ولكن من ينظر إلى النساء نظراُ مجرداً من التدقيق يراهن إلى الوناء والضعف والجبن والتعلق بأهداب الأمور التافهة والألاعيب الصبيانية.
والفرق عظيم بين القوة الأدبية في الرجل وبينها في المرأة فالرجل ينشأ على ذلك بالفطرة أو بالتربية ويبقى كذلك مهما شقيت حياته أو سعدت بيد أن الرجال الأقوياء من حيث الطبيعة بل من حيث الأدب هم أندر مما نتصورهم. والمرأة لا تعنى بقوتها الأدبية عندما تكون حياتها سعيدة أو عادية إلا أن الحاجة إذا مست وأصابها شقاءٌ وبؤسٌ ومرض في أسرتها ينقلب كيانها في الحال ويصبح المتوسطات والرخوات منهن قويات شديدات يقاومن المصاعب أي مقاومة ويطعن صدور العوائق بسلاح قد يكون غير ماضٍ ولكن له من نار الحمية الموقدة ما يشحذ غراره ولا يطفأ أواره.
ولكم شهدنا النساء يأتين من ضروب الشجاعة حين الحاجة ما لم يخطر ببال فكم رأينا عقائل كان أزواجهن على جانب عظيم من سوء الأخلاق والعشرة معهن وكن صابرات