مجله المقتبس (صفحة 2413)

قوى النساء

كتب باولو لومبروز العالم الإيطالي مقالة في المجلة الباريزية قال فيها ما تعريبه: حكم الناس منذ قرون بأن الرجل من الجنس القوي والمرأة من الجنس الضعيف. فجميع مظاهر النشاط والمتانة والقوة الطبيعية من امتيازات الرجل. عضلاته كالفولاذ ويحمل السيف ويحارب ويتسلق الجبال الخطرة ويتحشم البحار وهي في أشد أنوائها ويرى الموت وجهاً إلى وجه.

أما المرأة اللطيفة المزاج فإنها ترى أن قصم ساق زنبقة يعد منها قوة فهي التي يغمى عليها وهي جالسة على الكرسي وتصرخ مذعورة إذا رأت عنكبوتاً أو فأرة. فلذا يسأل السائل من أين تنبعث قوتها أي جوهر شجاعتها ومقاومتها ورباطة جأشها على أن المرأة في الغالب تظهر بمظهر الغيرية والإخلاص وسلامة العقل وإنكار النفس والمفاداة وكل ما يعرف به الإنسان الخارق للعادة.

القوة والمتانة الطبيعية هما أساس القوة الأدبية وشرط لازم لهما وقد أبان التاريخ والإحصاء والبحث بأن المرأة ليست دون الرجل في المقاومة الطبيعية للأمراض والأوجاع والأتعاب فإنا نرى النساء المتوحشات البربريات يقمن بأشق الأعمال فيحرثن الأرض ويطحنّ الحب ويحملن الأثقال بيناهن مرضعات أو حاملات.

ومن الغريب إنا نرى الضعف في النساء والقوة في الرجال عند بعض الشعوب المتوحشة على صورة معكوسة فنرى المرأة عندهم تضع ولداً فلا تلبث أن تنهض وتتولى في الحال أعمالها على حين يبقى زوجها في الفراش كالنفساء وهذا مما دلّ على مضائها الغريب.

وإنا لنرى النساء في بلاد الهرسك يقرنَّ بالسكة بدل البقر كما نراهن في بلاد الألب ينقلن أحمال العلف عوضاً عن البغال.

وليس من رياضة مهما صعبت واقتضت صاحبها من الجرأة والثبات والشجاعة إلا قامت به المرأة بنشاط وبرزت في مضاميره أي تبريز. فنراها تركب الخيل وتسبح وتلعب بالسيف وتركب الدراجة وترتاض في الجبال وكل ذلك مما يقتضي له عدا أعصاب من حديد ومقاومة فائقة حضور ذهن وحذر واحتقار للموت أي ما لا يمكن القيام به إلا إذا اتفقت القوة الطبيعية مع القوة الأدبية.

وهناك أحوال كثيرة لا ندعوها رياضة لما يقتضي لها من النشاط والشجاعة والثبات في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015