اللعب بالشطرنج لم يكن من يلعب به مثله في بلده قال فكانوا يقولون أبو بكر الزهري الشطرنجي فكان إذا بلغني ذلك أغتاظ ويصعب عليَّ فقلت في نفسي لا بد أن أشتغل عن هذا بشيءٍ غيره من العلم لا نعت به ويزول عني وصف الشطرنج وعلمت أن الفقه وسائر الأدب ولو اشتغلت به عمري كله لم يخصني منه وصف أنعت به فعدلت إلى أبي مروان عبد الملك بن زهر واشتغلت عليه بصناعة الطب وكنت أجلس عنده وأكتب لمن جاء مستوصفاً من المرضى الرقاع واشتهرت بعد ذلك بالطب وزال عني ما كنت أكره الوصف به وهذا هو السبب والله أعلم في إخفاء كثير من أهل الوقار والعلم أنهم على جانب من علم الموسيقى والضرب على العود وغيره من أنواع الملذوذ ولولا التقية لانتهى إلينا أسماء كثير ممن تبلغنا عنهم سوى أخبار العلوم المتعارفة على أن الشرف كله اعتباري ولا مانع من الغناء والتلحين إذا لم يتبعهما التلطخ بحمأة السفاهة والرذيلة.
أما الملوك والأمراء الذين عنوا بالموسيقى قديماً فأكثر من أن يحصوا منهم يزيد ابن عبد الملك ومسلمة بن عبد الملك وأبو عيسى بن الرشيد وعبد الله بن موسى الهادي وابراهيم بن عيسى بن جعفر المنصور ومحمد بن جعفر المقتدر والمتوكل والمهدي والمؤيد وطلحة الموفق والطائع والمقتدر وابن المعتز وغيرهم من الملوك المتأخرين والله أعلم.