مجله المقتبس (صفحة 2354)

والبنين أن يجتمعن ذات يوم ليؤسسن معاً أسرة جديدة ويحدث من هذه الحقيقة البسيطة أن البنات كالبنين متساويان في حقوق الإنسانية فلا مسوغ والحالة هذه إلى أن يعاملن معاملة مختلفة في سبيل إعداد الجنسين لجهاد الحياة.

وبعد فإن النساء لا يصبحن كلهن عالمات كما لا يكون المتعجرفات فيهن بقدر المتعجرفين من الرجال والعجرفة من الأمور البشعة والنساء لا يحببن أن يكن بشعات كما أنهن لا يتولين الأعمال كلها لما يقوم في وجوههن من منافسة الرجال منافسة شديدة ولأن الطبيعة تقضي بأن تكون للنساء صناعات خاصة بهن وللرجال كذلك فإذا جاء فيهن النساء المخرفات تضطرهن الحال إلى الاعتدال بيد أن الحقوق المخولة للنساء اليوم لا تكفي لتغيير حالتهن الاجتماعية.

ولقد عنيت دائماً في حياتي الطويلة أن أشوق أفكار الشبان بل الأطفال إلى الحياة وأن أطلعهم على ما عساهم يطلعون عليه في حياتهم وأرى الآن أنه من الواجب أن ألقنهم محبة حب الوقت إذا كان للوقت ثمن عندهم. أنا مقتنع بأن الناشئة متى عرفوا بعد حين الوقت الذي عشنا فيه يعترفون له بالفضيلة الجميلة من أنه عمل على تقوية كل نوع من أنواع الضعف كضعف الولد وضعف المرأة وضعف الشيخ وضعف الفقير وضعف العاجز والزمن.

وهذا العمل الشريف الذي تممته الأزمان لا نلحظه كما أن المتحاربين لا يلحظون في معمعان الحرب كل ما يجري بينهم بل يرون من خلال التراب والدخان حركات لا يميزونها وهجمات وأناساً يفرون وآخرين يركضون وغيرهم يسقطون وهذا الاضطراب العظيم يبعدهم عن تصور ما تم ومع هذا يتم في ساحة الوغى ما انصرف إليه المقاتلة وتخفق أعلام النصر على من كتب لهم.

ولكن قوماً يقولون أن إنهاض الضعيف من كبوته يضعف من قوة الحاكم وسطوته ويرى ولاة الأمر أن هذه السطوة ضرورية مشروعة وأنها إذا فقدت فهناك القضاء على المجتمع وعلى العالم. ولكن الناس لم يسمعوا هذه النبوآت إلا عندما تمس آراءهم أو عاداتهم القديمة أما أنا فأعتقد بأن هذا المجتمع في تبدل ولن يزول فإذا ذهبت صورته يبرز في صورة أخرى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015