ثلاثة أضعاف.
النساء فقط هن المعلمات في هذه المدارس يستعددن لهذا العمل الشريف بالدرس والتربية الكثيرة فيعملن ناصحات بإخلاص ونشأة وإنك لتجد مفتش المعارف والرؤساء ونظار المجامع العلمية يمتدحون بلسان واحد المعلمات والمتعلمات لأنهن يتوفرن على تعليم البنات أحسن تعليم بل أقول ولا أخشى من الحق أنهن يعلمن أحسن من تعليم المعلمين من الرجال وقد كان الناس يقولون من قبل أن النساء لا يستطعن أن يفهمن العلوم ولا أن يعلمنها وها هن اليوم يتبحرن في هذه العلوم ويعلمنها كأحسن معلم.
إلا وأن في منافسة البنات للرجال في مضمار العلم لأكبر دليل على صحة ما أقول فقد رأيناهن ينصرفن إلى الدراسة أكثر من الشبان فأصبحن بفضل السهر والدرس وصيفات في الكليات للأساتذة من الرجال وقد خلفت العقيلة كوري زوجها في كلية العلوم الباريزية وكانت شريكته في اختراع الراديوم. كل هذا يدل دلالة صريحة أن النساء مستعدات كل الاستعداد للتعلم وأن من حقهن أن يتعلمن. اعتقد صغار الفتيان منذ خلق العالم بأن البنات من جنس غير جنسهم وأن الرجال أسمى مقاماً وأكبر عقلاً وأقوى جناناً إذا قيسوا بالجنس اللطيف. وما قول الناس هذا من الجنس اللطيف أي النساء وهذا من الجنس القوي أي الرجال إلا من الأوهام في المرأة نشأت من التوحش وما كتب للرجال من قوة العضلات وكانت الأنانية والمصلحة هما المساعدتين على انتشار هذا الفكر.
وها قد ضعف اليوم هذا الوهم وانتشرت الحقيقة كالشمس الساطعة وما أسهلها وأبسطها ولكن الحقائق البسيطة هي التي يطول عهد اكتشافها. الحقيقة التي أعنيها هو أن للبنت كما للصبي ذكاء وإن كانت الكفاآت وأميال الذكاء في الذكور والإناث متفاوتة الدرجات فليس معنى ذلك أن الذكاء الأنثوي أضعف من الذكاء الرجلي بل إن معنى ذلك أن كلاً من ذكاء الفريقين متمم لصاحبه ليتألف من مجموعه ذكاء الإنسانية. والحقيقة بأن للابنة كما للصبي قلباً يحب ويفرح ويحزن بل أن حظ البنات من الأحزان في هذه الحياة أعظم وأشد وفي قلوب الزوجات والأمهات من بنات المستقبل مادة عظيمة من الدموع سيفرغونها في حياتهن المستقبلية. الحقيقة بأن معظم البنات كمعظم البنين مضطرات إلى الكدح لمعاشهن وأنهن يصعب عليهن السير في هذا السبيل ومعزى ذلك أن الواجب يقضي على البنات