مما تكره ومما كاد يخلص إليه كتاب الطبقات أنك قد تأتي على ترجمة الرجل والرجلين لا تفهم مذهبه إذا لم يكن في اسمه أو كنيته أو لقبه ما يشعر بأنه مسلم من غير مسلم وربما اشتبه الاسم أيضاً فإن من الصابئة من اسمه حسن ومن المجوس من اسمه عثمان وعلي والعباس والنصراني يكنى بموفق الدين وقطب الدين.
ومن عجب ما قرأت أن قسطا بن لوقا البعلبكي وكان مسيحي النحلة كتاباً له في علة الموت فجأة لأبي الحسن محمد بن أحمد كاتب بطريقة البطارقة والغالب أن اسم هذا أبو غانم العباس بن سنباط. وقد استفدت منه ألفاظ لم تكن مألوفة لزمننا مثل الجوارشنات للحبوب لمستعمله والأقراباذينيات أي تركيب الأدوية والساعور وهو مقدم النصارى في الطب وفي التاج وأن أصله ساعوراً ومعناه متفقد المريض وقد اشتق منه فعلاً فقال: كان جميعاً يسعران المرضى أي يتفقدانها إلى غير ذلك من الفصح والشوارد مثل قوله عن اسم كتاب لأحد مشاهير (المنمس) أي المحتال بالدين ونحوه على شيء يستره.
والغلاب إن المؤلف لم يدخر وسعاً في تنقيح كتابه وتصحيحه إلى أن هلك فجاء زبده في موضوعه فيه كل ما طالب وحلا فمن منظومة وهو مما تأخذه فيه وخير الشعر ما زاد معناه على لفظه وقصدت به غاية كما قال يعقوب بن اسحق الكني
أناف النابي على الاروس=فغمض جفونك أو نكس
وضائل سوادك واقبض يديك=وفي قعر بيتك فاستحلس
وعند مليكك فبغي العلو=وبالوحدة اليوم فاستأنس
فإن الغني في قلوب الرجال=وأن التعزز بالأنفس
وكائن ترى من خي عسرة=غني وذي ثروة مفلس
ومن قائم شخصه ميت=على انه بعد لم يرمش
فإن تطعم النفس ما تشتهي=تقيك جميع الذي تحتسي
وكما وصى يحيى بن عدي أن يكتب على قبره
رب ميت قد صار حيا ... ومبقى قد مات جهلاً وعيا
فاقتنوا العلك كي لا خلودا ... لا تعدوا الحياة في الجهل شيا
وكما قال أبو طاهر بن البرخشي وقد رأى إنساناً يكتب كتاباً إلى صديق له فكتب في