مجله المقتبس (صفحة 2196)

معاملة العبيد: يعامل العبيد بحسب أخلاق سيدهم فمن السادة المنورين الذين اشتهروا بالإنسانية شيشرون وسينيك وبلين فقد كانوا يطعمون عبيدهم طعاماً جيداً ويحادثونهم وربما أجلسوهم معهم على موائدهم ويسمحون أن يكون لهم أسرة وثروة صغيرة. وهناك سادة علىالعكس من هؤلاء عاملوا عبيدهم معاملة الحيوانات وعاقبوهم أشد العقوبات بل ربما قتلوهم لهوى في النفس. والأمثلة على ذلك كثيرة فقد كان فويوس بوليون عيتق أغسطس يطعم السلور البحري (سمك مرينة) في بركته فكسر له أحد عبيده آنية على غير قصد فما هو إلا أن ألقاه في البركة ليكون طعماً لسمكه.

وصف الفيلسوف سينيك فظائع السادات بهذه العبارة: إذا سعل أحد العبيد أو عطس خلال المأدبة أو طرد الذباب متهاوناً أو رمى مفتاحاً وسمع له صوت لكلب في الاقتصاص منه وأي كلب فإذا أجاب رافعاً صوته قليلاً ودلت تلاميح وجهه على سوء خلق أيحق لنا أن نضربه بالسياط؟ وكثيراً ما نبالغ في الضرب ونقطع له عضواً ونقلع سناً. وهكذا رأينا الفيلسوف أيبكيت وكان عبداً كسر مولاه ساقه. أما النساء فلم يكن أيضاً على شيء من الشفقة وإليك كيف امتدح أدفيد إحدى العقائل قال: مشطوا رأسها أمامي مرات وما قط غرزت الأبة في ذراع العبد الذي يمشطها.

وما كان الرأ ي العام ليحول دون هذه الفظائع فقد مثل جوفنال عقيلة غضبى على أحد عبيدها وهي تقول اصلبوه ـ وأي جريمة أتاها العبد حتى استحق هذا العذاب؟ ما أنحسه وهل العبد من البشر؟ وسواء أتى أمراً أم لم يأت فإني أريد عقابه وآمر به وإرادتي هي الحجة في هذا الباب.

أما الشريعة فلم تكن ألطف من الأخلاق فكانت في القرن الأول قبل المسيح توجب بأن صاحب البيت إذا ذبح يقتل عبيده كلهم به. ولما أريد إلغاء هذا القانون خطب ترازيا أحد معتبري الفلاسفة في مجلس الشيوخ مطالباً ببقاء هذا القانون.

وللعبيد مطبق تحت الأرض يدخله النور من نوافذ ضيقة بعدية بحيث لا يتيسر الوصول إليها فإذا أتوا ما يغضب ساداتهم يسجنونهم فيه بالليل وفي النهار يبعثون لهم ليشتغلوا مقيدين بسلاسل من حديد ثقيلة. وكثير منهم من وسمت وجوههم بحديدة محماة.

لم يعرف القدماء المطاحن الميكانيكية بل كانوا يطحنون الحنطة بمطاحن باليد يديرها العبيد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015