وإذ هزم قيصر جيش إفريقيا اقترح كاتون على الرومانيين النازلين في أوتيكيا أن يحاصروا فأبوا فأطلق كاتون جميع أعضاء الشيوخ الذين لجؤوا إليه ثم استحم وتعشى مع أصحابه وأخذ يخوض في المباحث الفلسفية ولما حان وقت النوم طالع محاورة أفلاطون في خلود النفس والتمس سبفه الذي كان نزعه ابنه عنه مغاضباً فأحضروه إليه فجعل على مقربة منه ونام فاستيقظ عند الفجر ثم طعن نفسه في صدره وكان عمره 48 سنة.
فارسال: لم يبق في البلاد بعد وفاة كراسوس غير بومبي وقيصر وكلاهما يود الاستئثار بالسلطة وكان من تقدم بومبي على صاحبه أنه كان في رومية مستولياً على أزمة مجلس الشيوخ وكان مع قيصر جيش غاليا المدرب على الحروب منذ ثماني سنين قضاها في الحملات.
فاتخذ بومبي خطة الهجوم واستصدر من مجلس الشيوخ أمراً بأن يترك قيصر جيشه ويجيء إلى رومية فعقد قيصر إذ ذاك عزمه على اجتياز حدود ولايته (وكان الحد هو نهر ريبكون) وزحف على رومية. ولم يكن عند بومبي جيش في إيطاليا للدفاع فركن إلى الفرار مع أكثر الشيوخ من الشاطئ الآخر من بحر الأدرياتيك وكان له عدة شيوخ في إسبانيا واليونان وأفريقية شتت قيصر شملهم واحداً بعد الآخر فهزم جيش إسبانيا سنة 48 ثم جيش اليونان في فارسال سنة 48 فجيش إفريقية سنة 46 ولما غلب بومبي في فارسال لجأ إلى مصر فقتله ملكها.
حكم قيصر: ولما رجع قيصر إلى رومية عهد إليه بالأمر لمدة عشر سنين فصار الحاكم المطلق ثم حارب جيوش أشياع بومبي في إفريقية وساد جميع البلاد الخاضعة للرومان واحتفل في رومية بظفره بأربعة أعداء الغاليين والمصريين وملك بحر الخزر في آسيا الصغرى وملك النوميديين حليف البومبيين في أفريقية (لم يكن من اللياقة بأن يفاخر بتغلبه على جيش روماني).
فقام مجلس الشيوخ لقيصر بالتشريفات الدينية فأعطاه أولاً كرسياً أعلى من مقاعد القناصل ولقبه بالأول ثم خوله الحق بأن يحمل تاجاً من الغار (وكان ذلك من حق الأرباب) ومنحه لقب أبو الوطن وابتدع احتفالات وألعاباً إكراماً له وأقام له تمثالاً خطوا فيه ألفاظ التعظيم وعهدوا إلى الكهنة للاحتفال بعبادة رب يوليوس قيصر. ومن الممكن أن يكون قيصر طمع