المباضع فيه مباضع مدورات الرأس والموربات والحربات وفاس الجبهة ومنشار القطع ومخرقة الأذن ورد السلع ومرهمدان المراهم ودواء الكندر القاطع للدم ومنهم من يتهرجون على الناس بعظام تكون معهم فيدفنونها غي الجرح ثم يخرجونها منه بمحضر من الناس ويزعمون أن أدويتهم القاطعة أخرجتها. ومنهم من يضع مراهم الكلس المغسول بالزيت ثم يصبغ لونه أحمر بالمغرة وأخضر بالكركم والنيل والأسود بالفحم المسحوق فيعتبر عليهم ذلك.
وقال في الحسبة على الزعاظ: يجب على المحتسب أن ينظر في أمر الوعاظ ولا يمكن أحداً ممن يتصدى لهذا الفن إلا من اشتهر بين الناس بالدين والخير والفضيلة عالماً بالعلوم الشرعية وعلم الأدب حافظاً للكتاب العزيز ولأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وأخبار الصالحين وحكايات المتقدمين ويمتحن بمسائل يسأل عنها من هذه الفنون فإن أجاب وإلا منع كما اختبر الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه الحسن البصري وهو يتكلم على الناس فقال له: ما عماد الدين، قال: الورع. قال: فما آفته. قال: الطمع. قال: تكلم الآن إذا شئت. ومن كانت هذه الشرائط فيه مكن من الجلوس على المنبر في الجوامع والمساجد وفي أي بقعة أحب ومن لا يدري ذلك كان جاهلاً بذلك أمنع من الكلام فإن لم يمتنع ودام على كلامه عزر ومن عرف شيئاً يسيراً من كلام الوعاظ وحفظ من الأحاديث وأخبار الصالحين مثل ذلك وقصد الكلام يسترزق به ويستعين على وقته فسح له بشرط أن لا يصعد المنبر بل يقف على قدميه فإن رتبة صعود المنبر رتبة شريفة لا تليق أن يصعد عليه إلا من اشتهر بما وصفناه وكفى به علواً وسمواً أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد عليه والخلفاء الراشدون من بعده والعلماء والأئمة وكان العصر الأول لبا يصعد فيهم المنبر إلا أحد رجلين خطيب في جامع يوم جمعة أو عيد أو رجل عظيم الشأن يصعد المنبر يعظ الناس ويذكرهم بالآخرة وينذرهم ويحذرهم ويخوفهم ويحثهم على العمل الصالح وكان للناس بذلك نفع عظيم.
وفي زماننا هذا لا يطلب الواعظ إلا لتمام شهر ميت أو لعقد نكاح أو لاجتماع هذيان ولا يجتمع الناس عنده لسماع موعظة ولا لفائدة وإنما صار ذلك من نوع الفرح واللعب والاجتماع وتجري في المجلس أمور لا تليق من اجتماع الرجال والنساء ورؤية بعضهم