زبده فلسفة تاريخ مومسن براز في سبيل الحياة براز دائم من أجل تكوين جامعة سياسية وضمان عظمة قومية. وعنده أن تاريخ رومية يمكن تلخيصه بعدة فتن وحروب بدأت فيما فرط بإعداد الجيوش وسوقها كما بنيت على أساس تجاري ودولة رومية الزراعية التجارية التي تحيط بها قبائل الأعداء من كل ناحية وجهة تحارب أولاً صوناً لتجارتها من أن تبور حتى إذا انصبغت السياسة إذ ذاك بصبغة حكومة مطلقة تعمل على القيام على التهام ما حولها مما لا يزال فتياً.
وكثيراً ما تجد مومسن يرجع إلى هذا ناموس حياة الأمم فيتعبره بمثابة ناموس الثقل في موقعه ومساس الحاجة إليه. وكان يقول: لما كان المقصود الأعظم من التاريخ المدنية والمدنية تعمل على تشذيب ما ليس فيه قابلية للنمو واستعداد للنشوء من الأغصان كما ينبغي كانت الحرب عبارة عن آلة جسيمة من الإصلاح لإنشاء الرقي العام وإن سعادة مملكة ليتوقف على تبدل مبارزاتها إلى حروب!. . . .
إلا وأن فلسفة تاريخ كهذي تناسب جداً حال أمة بروسيا تحارب نفسيها بنفسها مرات ثلاثاً متتالية وتساعد كثيراً على تعميم الرقي والتقدم في ألمانيا أولاً ثم في أوروبا والعالم أجمع. ومع هذا فالمترجم لا يضم صوته إلى صوت الفيلسوف هيكل في قوله: إن وراء كل حرب فكراً أخلاقياً والقوة والفضيلة (لفظتان مترادفتان) ولا هو أيضاً من أرباب الاشتغال بالأخلاق. وكان يقول بهذا الناموس التاريخي: الحق مع القوة والتاريخ يكسر في مهب عواصفه العاتية الأمم التي لا صلابة فيها ولا مرونة كسر الفولاذ دون أن يشعر بأثر رحمة أو شفقة مطلقاً.
هذه هي نظرياته التاريخية التي يظل الإنسان حائراً حينما يرى أنها وأمثالها يدافع عنها ويحامي في وطن رجل مثل ذلك الفيلسوف كانت. لكن مظهر ألمانيا عام 1850 تغير عما كان عليه على عهد الفيلسوفين العظيمين فيختي وكانت. إذ أن فلاسفتها المحدثين أروها أن الأحوال والمواقع في تبدل دائم وأن قيمة الحقوق نسبية والقابض على أزمتها هي القوة فقط. ذلك هو ناموس العام الذي ليس في إمكاننا مهما أحسنا النقد نقضه أو تبديله. وناهيك بناموس كانت فلسفة بسمارك بأسرها عبارة عنه.
أول درس رغب مومسن في إلقائه على مواطنيه وصيته العظيمة: لا تكونوا بلهاً أغراراً