يا بيت عاتكة الذي أتعزَّل ... حذَر العذى وبك الفؤاد موكل
لإني لأمنحك الصدود وأنني ... قسماً إليك مع الصدود لأميل
وقال صاحب الأغاني نقلاً عن الجاحظ: كان والبة بن الحباب ومطيع بن إياس ومنقذ ابن عبد الرحمن الهلالي وحفص بن أبي وردة وابن المقفع ويونس بن أبي فروة وحماد عجرد وعلي بن الخليل وحماد بن أبي ليلى الاوية وابن الزبرقان وعمارة بن حمزة ويزيد بن الفيض وجميل بن محفوظ وبشار المرعث وإبان اللاحقي ندماء يجتمعون على الشراب وقول الشعر ولا يكادون يفترقون ويهجو بعضهم بعضاً هزلاً وعمداً وكلهم متهم في دينه. قلنا واجتماع المتشاكلين قديم في الناس والغالب أنهم يتحرجون من إدخال من ليس على شاكلتهم في زمرتهم فيتهمون بما هم منه براء كما اتهم جماعة أبي حيان التوحيدي الذي نقل بعض مجالسهم الفلسفية في مقابساته وكانوا من أهل النحل المختلفة تجمع بينهم جامعة العلم والفلسفة كما جمعت بين ابن المقفع وأصحابه جامعة الأدب فقالوا أنهم كانوا يجتمعون على شراب واتهموهم بالمروق. وفي كتاب البيان والتبيين للجاحظ ذكر أناس كانوا شديد التصافي والالتحام مع شدة التباين في المذاهب.
أما كيفية مقتل ابن المقفع فقد اجمع مترجموه أنه كان بسبب كتابته أماناً لعبد الله ابن علي قال فيه: ومتى غدر أمير المؤمنين بعمه عبد الله فنساؤه طواليق ودوابه حبس وعبيده أحرار والمسلمون في حل من بيعته. فاشتد ذلك على المنصور جداً وخاصة أمر البيعة وكتب إلى سفيان بن معاوية المهلبي وهو أمير البصرة من قبله فقتله وكان سفيان شديد الحنق عليه لأن ابن المقفع على ما يقال كان ينال منه ويستخف به حتى عزم على أن يغتاله فجاءه كتاب المنصور بقتله فقتله سراً في داره ويقال أنه عاش ستاً وثلاثين سنة وسأل سليمان وعيسى فقيل أنه دخل دار سفيان سليماً ولم يخرج منها فخاصماه إلى المنصور وأحضره إليه مقيداً وحضر الشهود الذين شاهدوه وقد دخل داره ولم يخرج فأقاموا الشهادة عند المنصور فقال لهم المنصور: أنا أنظر في الأمر. ثم قال لهم: أرأيتم إن قتلت سفيان به ثم خرج ابن المقفع من هذا البيت وأشار إلى باب خلفه وخاطبكم ما تروني صانعاً بكم أأقتلكم بسفيان. فرجعوا كلهم عن الشهادة واضرب عيسى وسليمان عن ذكره وعلموا أن قتله كان برضا المنصور.