مجله المقتبس (صفحة 1771)

واعلم أن جواسيسك وعيونك ربما صدقوك وربما غشوك وربما كانوا لك وعليك فنصحوا لك وغشوا عدوك ونصحوا عدوك وكثير مما يصدقونك ويصدقونه فلا يبدرن منك فرطة في عقوبة إلى أحد منهم ولا تعجل بسوء الظن إلى من اتهمته على ذلك وابسط من آمالهم فيك من غير أن تري أحداً منهم أنك أخذت من قوله أخذ العامل به والمتبع له أو عملت على رأيه عمل الصادر عنه أو رددته عليه رد المكذب له والمتهم المستخف بما أتاك منه فتفسد بذلك نصيحته وتستعدي غشه وتجتر عداوته.

احذر أن يعرف جواسيسك في عسكرك أو يشار إليهم بالأصابع وليكن منزلهم على كاتب رسائلك وأمين سرك ويكون هو الموجه لهم والمدخل عليك من أردت مشافهته منهم واعلم أن لعدوك في عسكرك عيوناً راصدة وجواسيس كامنة وأن رأيه في مكيدتك مثل ما تكايده به وسيحتال لك كاحتيالك له ويعد لك كاعتدادك له فاحذر أن يشعر رجل من جواسيسك في عسكرك فيبلغ ذلك عدوك ويعرف موضعه فيعد له المراصد ويحتال له المكايد فإن ظفر لبه وأظهر عقوبته كسر ذلك ثقات عيونك وحوله عن تطلب الأخبار من معادنها واستقصائها من عيونها حتى يصيروا إلى أخذها عن عُرض من غير الثقة ولا معاينة لغطائها (؟) بالأخبار الكاذبة والأحاديث المرجفة.

واحذر ان يعرف بعض عيونك بعضاً فإنك لا تأمن تواطئهم عليك وممالأتهم عدوك واجتماعهم على غشك وكذبك وأن يورط بعضهم بعضاً عند عدوك واحكم أمرهم فإنهم رأس مكيدتك وقوام تدبيرك وعليهم مدار حربك وهو أول ظفرك فاعمل على حسب ذلك وجنب (؟) رجاءك به نيل أملك من عدوك وقوتك على قتالهم وانتهاز فرصته إن شاء الله فإذا أحكمت ذلك وتقدمت فيه واستظهرت بالله وعونه فول شرطتك وأمر عسكرك أوثق قوادك عندك وآمنهم نصيحة وأقدمهم بصثيرة في طاعتك وأقواهم شكيمة في أمرك وأمضاهم صريمة وأصدقهم عفافاً وأجرأهم (جناناً) وأكفاهم أمانة وأصحهم ضميراً وأرضاهم صبراً وأحمدهم خلقاً وأعطفهم على جماعتهم رأفة وأحسنهم لهم نظراً وأشدهم في دين الله وحقه صلابة ثم فوض إليه مقوياً وابسط من أمله مظهراً عنه الرضا حامداً منه الابتلاء.

وليكن عالماً بمراكز الجنود بصيراً بتقديم المنازل مجرباً ذا رأي وتجربة وحزم في المكيدة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015