لحربك مصغ له بعد استشعار الحذر واطمئنان الحزم وإعمال الروية وإعداد الأهبة فإن لقيت عدوك كليل الحد ونم النجوم نضيض الوفر (؟) لم يضررك ما أعددت له من قوة وأخذت به من حزم ولم يزدك ذلك إلا جرأة عليه وتسرعاً على لقائه وإن ألفيته متوقد الجمر مستكشف التبع قوي الجمع مستعلي سورة الجهل معه من أعوان الفتنة وتبع إبليس من يوقد لهب الفتنة مسعراً ويتقدم إلى لقاء أبطالها متسرعاً كنت لأخذك بالحزم واستعدادك بالقوة غير مهين الجند ولا مفرط في الرأي ولا متلهف على إضاعة تدبير ولا محتاج إلى الإعداد وعجلة التأهب مبادرة تدهشك وخوفاً يقلقك ومتى تعزم على ترقيق التوقير وتأخذ بالهوينا في أمر عدوك لتصغر المصغرين ينتشر عليك رأيك ويكون فيه انتقاض أمرك ووهن تدبيرك وإهمال الحزم في جندك وتضييع له وهو ممكن الإصحار رحب المطلب قوي العصمة فسيح المضطرب مع ما يدخل رعيتك من الاغترار والغفلة عن إحكام أسرارهم وضبط مراكزهم لما يرون من استنامتك إلى الغرة وركونك إلى الأمن وتهاونك بالتدبير فيعود ذلك عليك في انتشار الأطراف وضياع الأحكام ودخول الوهن بما لا يستقال محذوره ولا يدفع مخوفه.
احفظ من عيونك وجواسيسك ما يأتونك به من أخبار عدوك وإياك ومعاقبة أحد منهم على خبر إن أتاك به اتهمته فيه أو سؤت ظناً عليه وأتاك غيره بخلافه وأن تكذبه فيه وترده عليه أن يكوم من محضك النصيحة وصدقك الخبر وكذبك الأول أو خرج جاسوسك الأول متقدماً قبل وصول هذا من عند عدوك. ولقد أبرموا أمراً وحاولوا لك مكيدة وازدادوا منك غرة وإن دفعوا إليك في الأمر ثم انتفض بهم رأيهم واختلف عنه جماعتهم فازدادوا رأياً وأحدثوا مكيدة وأظهروا قوة وضربوا موعداً وأموا مسلكاً لعدد أتاهم أو قوة حدثت لهم أو بصيرة في ضلالة شغلتهم فالأحوال منتقلة بهم في الساعات وطوارق الحادثات ولكن ألبسهم جميعاً على الانتصاح وأرجح لهم المطامع فإنك لم تستعيبدهم بمثله. وعدهم جزالة المثاوب في غير ما استنامة منك إلى أمر عدوك والاغترار بما لم يأتوك به دون أن تعمل رويتك في الأخذ بالحزم والاستكثار من العدة واجعلهم أوثق من يقدر عليه إن استطعت ذلك وآمن من تسكن إلى ناحيته ليكون ما يبرم عدوك في كل يوم وليلة عندك إن استطعت فتنقض عليهم بتدبيرك ورأيك ما لم يرموا وتأتيهم من حيث أقدموا وتستعد لهم بمثل ما حذروا.