مجله المقتبس (صفحة 1590)

بالشيخوخة وضعف الذاكرة وتقهقر الأشغال. ولكنها عندما استلمت إدارة بيته وضعت كل شيء موضعه وسار كل شيء على نظامه وأخذت تجارته حياتها السالفة وذلك أنها كانت منتبهة للغاية فتدخل مرات كل يوم إلى المخازن على غفلة لتفاجئ المستخدمين وتنظر في الدفاتر وتحقق الحسابات وتكلم الزبن إذ كان لسانها فصيحاً كما كانت يدها رشيقة وحركتها خفيفة. على أن الشيخ كريمور لم يرض عن زوجه لأنها كانت تتراءى له بأنها تكلفه من النفقة أكثر ممن تقدمها من زوجاته. ويعتقد أنها مسرفة لأنها تريد أن يكون لزوجها ما يجب أن يكون له وأن يقبض كل واحد أجرته وهو مما يسميه جنوناً وقلة تدبر.

وعندما كانت تطلب منه دراهم كان يردد أبداً عليها نغمة واحدة وهي: أن القليل الذي استطعت أن اقتصده سيبذر في الحال عندما أقضي نحبي. . بيد أنه ما تنبأ به لم يتحقق قط فماتت كودرون ولداً فانحصرت ذرية كريمور في طفل اسمها ماركوس وهو ابن ابنه يوحنا المتوفى وكان ولداً متعقلاً ولكن صورته مزرية وقليل النشاط والحركة فتبناه جده بعد أن فكر زمناً أن يتركه عالة على المدينة ولم يرض بقبوله في بيته غلا تخلصاًُ من أن يكون فريداً وحده لا عقب له.

(2)

ماتت كودرون فكان موتها فاتحة سوء الطالع على كريمور فاتخذ خادمة بعد أخرى وكلما غير خادمة تزداد حال بيته اختلالاً فهن لا يعرفن إلا الإنفاق ولم تجرأ واحدة منهن أن تعمل له عملاً نافعاً لأن الشيخ كان كثير الظنون والسارقات والسارقون يعبثون بأمواله في كل مكان. على أن حذره لم يحل دون دخول فساد على أعماله فأخذ المستخدمون لا يخافون بأسه وكل منهم يسرق من المخازن ما يروقه ناسياً بالقصد أن يقيده فدخلت تجارته في دور الانحطاط وأصبح كريمور إذا غضب وأراد أن يعاقب المتلاعب من كتبته وخدامه يمسكون بذراعيه ويديه فلا يفلتونها إلا إذا رضي بأن يعود إلى السكون ولا يعود إلى العربدة.

وحدث في غضون ذلك حادث كان فيه القضاء المبرم على هذا التاجر ومحله وذلك أن تاجرين غريبين جاءا ذات يوم إلى آييري وأنشأا محلاً تجارياً فأخذ زبن كريمور يتخلون عنه واحداً بعد واحد فخفض أسعار بياعاته إلى أرخص مما يبيع ذانك التاجرين وزاد في رواتب مستخدميه إلا أن ما أتاه لم يأته بفائدة وارتفعت ثقة الناس من محله منذ زمن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015