وموضع معين لا تتعداه، ليكون ذلك أجمع للفائدة. وأنفع في الأثر. وعذرنا إليهم بأن الإخصاء في علم واحد والبحث فيه من عامة أطرافه يستدعي مواد كثيرة وقراء يتلون ما يكتب بالقبول ليرجى معها حياة العمل طويلاً، ولو اقتصرنا على البحث في آداب اللغة مثلاً كما أشار بذلك بعض النبهاء لاقتضى لنا مادة واسعة يكاد يكون أكثرها مفقوداً وأن نستعين بخمسة على الأقل من المؤازرين المتمكنين في هذا الفن. ثم أين مجامعنا العلمية وخطب العلماء ومحاوراتهم في هذا الموضوع ليتسنى لنا نقلها أو تحصيلها كل مدة فإنا نرى مجلات الأخصائيين في الغرب ينشئها على صغر حجمها عشرات من المشتغلين المنقطعين وهناك الجمعيات والمجامع تعد منها ولا تعدها.
هذا ما نقوله لمن نصحوا لنا بالتمحض لفرع من الفروع التي تخوض فيها المجلة الآن في جملة ما تخوض فيه بقدر ما تسمح به الحال. وأنا على يقين من أنه متى كثر سواد المنورين على الأساليب الصحيحة تصدر لهم بطبيعة الحال عشرات من أمثال تلك المجلات المنشودة باللسان العربي وإذ ذاك يعرف الناس أن للمطبوعات ثمناً لابد من قضائه في أوقاته ولا يقع لأربابها مثل ما وقع لنا في السن الغابرة من حذف أربعمائة اسم من سجل المشتركين وكان نصفهم طلبوا الاشتراك برسائل منهم فلما ذكروا بوفاء ما عليهم سكتوا اللهم إلا بضعة عشر واحداً منهم.
على أن طلبات الاشتراك ما زالت ترد علينا من بلاد ما كنا نظن أهلها يقرأون العربية ويرغبون في المجلات مصحوبة بقيمتها على الطريقة الغربية يشترك بعضهم عن رغبة من تلقاء أنفسهم وبعضهم بإرشاد بعض الغيورين وعددهم لا يزال في نمو. ولا نكتم القراء أن مجموع ما ورد على الإدارة في الحولين الماضيين لم يوف حتى الآن ثمن ما صرف في الورق والطبع والبريد فقط.
كل هذا ونحن نعد ما لقيناه ضرباً من ضروب الرقي في الأفكار ونرى المقتبس ينجح نجاحاً كبيراً يوم يقوم بنفقاته. إذ من العبث الاعتماد على العلميات الآن وما عداها مذهباً من مذاهب المعاش الطبيعي ما دام الشرق العربي متأخراً بمعارفه هذا التأخر المحسوس لاسيما وأن المتصدين للتأليف في الغرب قاسوا قبلنا من أممهم ما لم نقاس نحن بعضها وما زال حال من ينقطعون عندهم للأبحاث التي يقتضي فهمها شيئاً من العلم بالنسبة لمن