بسم الله الرحمن الرحيم
تعالى جدك اللهم خلقت الجماد والنبات والحيوان. وكرمت ابن آدم بنور العقل وفضل البيان، فاستخدم عناصر الأرض وجواهر السماء، وأدرك سر الفلك وسير الفلك ودقائق الماء والهواء، طوى البحار، بالبخار، والبيداء، بالكهرباء، وسوى الأوطاد، والأنجاد، فأصبحت بعد الجهاد، بعض الوهاد، وأحال اليابسة بحراً، والبحر براً، وصير من المجاهل الخالية، معالم نافعة، ومن القفار الخاوية، رياضاً ممرعة، فجمع بعلمه إلى المخلوق مصنوعاً، وغدا الوجود من مادتي الطبيعة والعقول مجموعاً.
سبحانك أبدعت نظام الكون والفساد، وجعلت لكل شيء سبباً من المعاش والمعاد، فلم تفقر فقيراً إلا لحكمة، ولم تغن غنياً إلا بتيسيرك له أسباب النعمة، ولا أهلكت من الأمم إلا الظالمة لنفسها، ولا رفعت منها إلا الناظرة في يومها وأمسها، فمن قانونك أن يسعى كل حي لبقائه بالفطرة، وأن لا يكون النشوء لساعته بالطفرة، ومن استهان بالجزئيات لا يحرز الكليات، ومن لم يعمل الفكر السليم لا يعرف حقائق الكائنات، ناموس مطرد لا تغيره الأزمان، ولا يبليه الجديدان، فتقدست أسماؤك ما أعظم سلطانك في السماء والأرض، وما أبهر آثار هديك في الرفع والخفض.
وبعد هذا المقتبس على رأس عامه الثالث يدعوا إلى ما أنشيء للأخذ به من مذاهب التعليم والتهذيب، والعلم والعمل مقدمة الإصلاح وبغيرهما كل سعي ضائع والسلم لا يصعد إليه من رأسه، والبناء لا يقوم على غير أسسه فلسان حاله ومقاله ربو البنين، تصلح لكم الحكام والحكومات وقوا الوجدانات، وحسنوا الملكات، تصح الآداب وتسلم الديانات.
يتوفر على إحياء القديم القويم، واحتذاء مثال الجديد المفيد، ويقتبس من كل نافع كيف كان قائله، ويمثل بعض ما جدَّ للأنظار وإن تشعبت مسائله، يورد الحاضر ويذكر بالغابر زيادة في الاعتبار والاستبصار، وينشر ما انطوى مما فيه حياة اللغة وجدتها، واللغة مبدأ سيادة الأمة ومفتاح سعادتها، يخاطب الأفراد قبل المجموع، ويقدم تعليم الصغار على الكبار، يقين أن الضعيف لا يتغلب على القوي بغير سلاح، ولا يكتب النصر لمن لا يستحقه، والأجسام تتكون من الذرات، كما تقوم المجتمعات بقوى أفرادها، وبصرهم مما ينمي الثروة ويحفظ البيضة ويجود على الأخلاق.
ولقد أرادنا بعض المفكرين على أن نتمحض في هذه المجلة لفرع خاص تعرف به،