معربة عن الفرنسية
بلادها - مصر عبارة عن وادي النيل وهي في مضطرب ضيق خصيب ممتد على ضفتي النهر بين سلسلتين من الصخور طولها 240 فرسخاً ويكاد عرضها لا يتجاوز خمسة فراسخ وعند منقطع الصخور تبدأ الدلتا. وهناك سهل واسع تتخلله شعب النيل وترعه. فمصر كما قال هيرودتس أبو التاريخ هبة من النيل.
النيل - يزخر النيل كل سنة في الانقلاب الصيفي بعصارات ثلوج بلاد الحبشة فيفيض على أراضي مصر العطشى يرتفع ثمانية أمتار وأحياناً عشرة فتصبح البلاد كالبحيرة وتبرز القرى المشيدة على الآكام كأنها جزيرات ثم تنخفض المياه في أيلول (سبتمبر) ويعود النهر في كانون الأول (ديسمبر) إلى مجراه الأصلي وقد ترك في كل مكان طبقة من الطين خصبة وهي الإبلز وتسمى الطمي. هذه الرواسب تقوم مقام السماد ويكاد يزرع في التربة الندية بدون حرث. فالنيل إذا يأتي مصر بالماء والتربة وإذا تحول عنها تعود مصر كالبلاد المحيطة بها قاعاً صفصفاً، ورمالاً مجدبة، ما أمطرتها السماء وابلاً ولا رذاذاً. ولم يجهل المصريون فيما مضى ما يجود به نيلهم من الخيرات الحسان وهاك نشيداً كانوا ينشدونه تعظيماً له: سلام عليك أيها النيل أنت الذي تتجلى على هذه الأرض وتأتي بسلام فتحيي موات مصر. أنت إذا انجليت تملأ الأرض طرباً، والقلوب بشراً، فينال كل مخلوق قوته، وكل سن ما تقضمه، رحماك إنك تأتي بالأرزق الطيبة وتنتج كل خير ومير وتنبت للبهائم مرعاها.
غنى هذه البلاد - مصر على التحقيق واحة في قفر إفريقية تنبت تربتها البر والفول والعدس وأنواع البقل. والنخيل فيها غابات وآجام. وفي تلك المروج التي يرويها النيل بمائه ترعى قطعان الغنم والثيران والعنز والإوز وتكاد مساحتها تساوي بلاد البلجيك (29400 كيلومتر مربع) ومصر اليوم تقوم بأود 11 مليوناً من السكان وهي نسبة لا تعهد في أوربا على أن مصر كانت آهلة بالسكان قديماً أكثر منها اليوم.
روايات هيرودتس - عرف اليونان مصر أحسن من معرفتهم سائر الممالك الشرقية فزارها هيرودتس أبو التاريخ في القرن الخامس ق. م ووصف في تاريخه فيضان النيل وأخلاق