صناعهم لهما. فاليك السبب الذي من أجله كان القرن الخامس أجمل عهد في تاريخ يونان والداعي إلى أن جعل أثينة تستأثر بفضل الشهرة أكثر من غيرها من المدن اليونانية.
الآداب
الخطباء - امتازت أثينة أولاً ببلاغة خطبائها فكانت حقاً بلد الأدب وحسن الإلقاء فبالخطب
في مجلس الأمة يقرر إشهار الحروب وعقد السلم ووضع القطائع والضرائب وكل الشؤون العظيمة وبالخطب التي تلقى في المحاكم يحكم على الوطنين والرعايا أو يبرؤون فللخطباء السلطة وعلى الأمة أن تعمل بنصائحهم ومواعظهم وربما عهدت إليهم بإدارة شؤون المملكة فقد عين كليون قائداً ورأس ديموستين الخطيب حرب فليب. وللخطباء نفوذ وكثيراً ما يلجؤون إلى بلاغة القول للنيل من عداتهم في سياستهم وربما اغتنموا لأنهم ينالون من أرباب الغايات ما يرضيهم من المال ليعضدوا أحد الأحزاب. فقد أخذ اشيل مالاً من ملك مكدونيا وقبض ديموستين دراهم من ملك الفرس. ثم أن بعض الخطباء ينشؤون خطباً ليلقيها غيرهم. ولا يسوغ لمن كانت له قضية أن يرفعها بواسطة محام كما هو الحال عندنا بل تقضي شريعة البلاد أن يتكلم صاحب القضية في قضيته بالذات. فمن ثم كان عليه أن يروح إلى أحد الخطباء يلتمس منه تأليف خطاب له يستظهره ليتلوه أمام المحكمة. ولطالما جاب بعض الخطباء بلاد اليونان وتكلموا في موضوعات توحيها إليهم المخيلة فأقاموا لهم كما نقول مقامات وعقدوا اندية ومؤتمرات وكان قدماء الخطباء يتكلمون بدون مقتصرين على أن يقصوا على المنابر الكوائن بدون أن يعمدوا إلى أساليب خطأبيو فيقفون في المنبر لا حراك لهم دون أن يصرخوا او يتحركوا وكان الملك بيركليس يخطب خطبه على طريقة هادئة دون أن يحرك اهداب ردائه وعندما كان يقف في منبر الخطابة وقد تكلل رأسه حسب العادة باوراق الشجر يزعم الشعب أنه يتخذه رباً من أرباب الأولمبيا ولكن الخطباء الذين جاؤوا بعد ذلك طمعوا في أثارة الأمة وتحريك احساسها والنفوذ إلى شعورها واصطلحوا على الإنشاء المتين يروحون في المنبر ويغدون منشدين متحركين. وما عتمت الأمة أن اعتادت هذا الاسلوب في الفصاحة. ولما أخذ ديموستين يتكلم في منبر الخطابة للمرة الأولى طفق الحضور يقهقهون ويضحكون من اسلوبه اذ لم يكن يحسن التلفظ ولا الوقوف ثم ما لبث أن مرن على الالقاء وإحسأن الحركات المطلوبة حتى صار نديم الشعب