بيركليس احد أبناء الاسرات العظيمة وكان مقلاً من الكلام غير مبتذل في شخصه ولم يكن يتوقع في أعماله رضي الأمة بل كان الأثينيون يحترمونه ولا يجرون الا على نصائحه وهو معروف بانه متمكن من شؤون الادارة ومعرفة البلاد ولذلك دخلوا تحت سيطرته وحكمه فأدار سياسة أثينة كلها أربعين سنة كما قال معاصره توسيديس المؤرخ: أن الحكومة الديمقراطية كانت موجودة بالاسم بل كانت تلك الحكومة حكومة الوطني الأولى على التحقيق أثينة ومصالحها - كانت منازل القوم الخاصة في أثينة كما معظم المدن اليونانية ضيقة واطئة متراكمة بعضها على بعض يكون منها ازقة ضيقة منعطفة سيئة التبليط. وقد جعل الأثينون عظمتهم في معالهم الهامة. فمنذ أخذوا يجبون من محالفيهم قطائع لتصرف في سبيل الحروب كانوا ينفقون النفقات الطائلة في أقامة أبينة جميلة فعمروا في ساحة أحد الشوارع رواقاً مزيناً بالصور (الفيسيل) وانشؤا في المدينة دار تمثيل ومعبداً اكراماً لبيزيس احد أبطألهم واوديون معهد الشعر والموسيقى وذلك للمسابقة في هذا العلم. ولكن قامت أجمل المباني على صخرة الاكروبول كانها على قاعدة هائلة وهما معبدان (أحدهما وهو البارتينون جعل قربى للمعبودة أثينة حامية مدينة أثينة) وهيكلاً ضخماً من القلز يمثل أثينة وسلماً من الأثار الجليلة يصل إلى البروبيلي ورواق الرخام في أثينة. ومن ذاك العهد كانت أثينة عظيمة أثينة - ومع ما خصت به أثينة من الصفات المشار إليها كانت أيضاً مدينة أهل الصنائع فقد حشر إليها الشعراء والخطباء والمهندسون والمصورون والنقاشون وكان بعضهم من أهل أثينة ووجهائها وجاءها البعض الاخر من أطراف ارض يونان يحملون إلى تلك المدينة العظيمة نتائج صناعاتهم وطرف طرائفهم. لا جرم أنه نبغ كثير من أرباب الصنائع اليونأن لم يكونوا من أهل المدينة أثينة وذلك قبل القرن الخامس وبعده بكثير من الزمن ولكن قل إن اجتمع هذا القدر العظيم من أرباب الصنائع في مدينة واحدة ولقد كان معظم اليونانيون من اكيس أرباب المعارف في الصناعات وموادها بيد أن الأثينيين فاقوا غيرهم بحسن ذوقهم وصنع ايديهم وامتازوا بعقول مثقفة ورغبة في الطرف وأثار الظرف واللطف. ولئن جاء من أبناء يونان امة رفيعة القدر عالية المكانة في تاريخ الحضارة فذلك لأنها امة تحسن ملكة الصناعات فلا جيوشهم القليلة ولا بلادهم الصغيرة الرقعة خدمت العالم والعمران خدمة أعظم من خدمة