قد يظن من يطالع تاريخ الإسلام بدون أن يعمل نظره معمله أن مايراه في تضاعيف سطوره من أخبار الثروة وطول ارقامها وتفإني الباحثين عنها والمتفإنين في نيلها ضرباً من ضروب الغلو ساق إليه تسرع المؤلف او اختلاق منه ليجعل لمن يتكلم عنه وقعاً في النفوس ويحبب إليها مطالعة كتابه خصوصاً والبشر في كل دور من ادوارهم كادوا يجعلون الدينار معبودهم.
لو لم يرد إحصاء الثروة الإسلامية في كتب الثقات ما كان كلام بعضهم عنها بحيث يصبح نقله. فقد لقي الرسول عليه الصلاة والسلام ربه وحاله من الزهد في المال والرفاهية حاله واستن معظم أصحابه بسنته وكان من أمر أبي بكر وعمر وعلي من الزهد في المال ماشاع ذكره وظهر أثره وتحدث به السمار في الامصار. قال معاوية وقد ذكر المال (اما ابو بكر فلم يرد الدنيا ولم ترده واما عمر فأرادته الدنيا ولم يردها واما عثمأن فأصاب منها واما نحن فتمرغنا فيها ظهراً لبطن)
على هذا النحو كان التأثل والارتياش راح الخليفة الأول وأسباب الفتوح معدودة ولم يصل قواده إلى أقصى جزيرة العرب ليفتحوا بلاداً عأمرة كفارس ومصر والشام كانت خزانة الثروة والأموال بما كان فيها من حضارة قديمة وإنما تهيأت الفتوحات وكثرت الغنائم أيام الخليفة الثاني ففتح الله للمسلمين تلك البلاد الغنية فعف عنها هو معظم أصحابه وكان يصادر من عماله من يجمع مالاًُ من غير حله. أما الخليفة الثالث فأخذ نصيباً من الدنيا هو وعماله وربما اغرق هؤلاء في نيلها بطرق لم تعهد زمن الخليفتين السالفين لان معظمهم من انسبائه وخاصته لا يحاسبون فيما هم فاعلون حتى إذا جاء الخليفة الرابع أراد إرجاع الخلافة إلى طورها اللائق وقتر على نفسه وعلى خاصته وذويه ولم يتسع له الوقت حتى تظهر فيها أخلاقه بالقول والفعل لاشتغاله بدفع غوائل الفتن.
جاء معاوية فإنقلبت الخلافة إلى ملك عضوض وبدأ يستكثر من المال فيعطيه الأديب والطبيب والخطيب والفقيه والكاتب والقائد والعامل ومن ماثلهم يجعلهم عدته في توطيد الملك له ولذريته فكثرت الأموال والناس على دين ملوكهم. ولم يكن الا قليل حتى ابدى عبدة الدرهم نواجذهم من غير نكير وكاد ينسى ما كان عليه أهل الصدر الأول الا قليلاً ففي حوادث سنة اثنتين وثلاثين (أن الدنيا اتسعت على الصحابة حتى كان الفرس يشترى