الديمقراطي إلا أن الله بعث لمقاصد سامية فوضوياً أثيماً ليطعن الطيب القلب وليم مكنلي تلك الطعنة التي أرسلت روحه إلى العالم الثاني فارتقى روزفلت إلى كرسي الرئاسة فهلعت قلوب ملوك المال وقالوا في سرهم خلا الجو لروزفلت فإنه سيقيم علينا الحرب التي كنا نتحاشاها وخاف الشعب أيضاً من تغيير السياسة فجأة يضر الأحوال فيوقف حركة الأعمال وتصاب الأشغال بكساد عظيم. غير أن روزفلت أبى أن يجلب الاضطراب إلى البلاد فتعهد للشعب أنه سيسير في سياسته على الخطة التي رسمها مكنلي فهدأ روع أرباب المصانع ورؤساء الشركات الكبيرة وأصحاب السكك الحديدية وبقيت البلاد تتمتع بالنجاح الفلاح. ولما أنتهت مدة رئاسته سنة1904 م رشحه الجمهوريون ثانية للرئاسة لأن صوت الشعب لم يقبل بشخص آخر. وما خمدت نيران تلك المعركة السياسية حتى انجلت عن فوز روزفلت على خصمه باركر فوزاً باهراً لم يسبق في تاريخ الأمة.
ما استلم روزفلت أزمة الرئاسة للمرة الثانية حتى جرد سيفه لمقاتلة كل من اعتدى على شرائع البلاد لا يرهب في حربه سطوة عدو ولا يراعي حرمة صديق. أو كما قال أن حريتي لا تعرف أخاً.
ارتقت البلاد وتقدمت وزادت ثروتها في السنين الأخيرة زيادة يصعب على العقل أن يدركها فليس من دولة بين دول المتقدمين أو المتأخرين أدركت ما أدركت أمريكا من التقدم. تجارتها سبقت كل تجارة ومصانعها ومعاملها لا مثيل لها في الأرض. زراعتها تدر الخير على البلاد كالسيل الجارف. خطوطها الحديدية لو مدت في خط واحد لبلغ طول ذلك الخط أكثر من المسافة بين الأرض والقمر. صادراتها ووارداتها السنوية تزيد على الثلاثة آلاف مليون ريال وهذه ليست إلا سبعة بالمائة من تجارتها الداخلية وفيها من أصحاب المال من يزيد إيراد الواحد منهم على إيراد بعض دول الأرض. تكأثر المال فيها فزادت قوة الماديات وأصبح تأثير الريال خطراً على المطامع والغايات في بلاد الحق والحرية والمساواة أخذ الممولون يؤلفون الشركات الكبرى ولا هم لهم إلا الكسب وإن تكن طرق تأسيسها مخالفة لشرائع البلاد ونظاماتها ومغايرة للصدق والشهامة والحق.
اختلت الآداب في الأشغال الكبيرة فصار من الهين على بعض ملوك المال أن يشتروا الأمتيازات من مجالس التشريع ومنتديات سلع تجارية تباع وتشرى بالمال. ثقلت وطأة