مجله المقتبس (صفحة 1058)

فهذه الحرية التي لا تعرف الصديق إذا اعتدى على الحق هي التي جمعت حوإليه قلوب الأمة وألقت الرعب في قلوب أهل البشر والفساد. روزفلت رئيس البلاد اليوم وقائد الحزب الجمهوري كان من أتباع هذا الحزب منذ أنجز دروسه في كلية هارفارد ودخل ميدان الحياة غير أن هذا لا يمنعه من رؤية العيوب التي انتطخ بها رجال حزبه.

ما تعين رئيس شرطة مدينة نيويورك حتى شهر سيف الحرب على أعداء الفضيلة والأمن والآداب ولم تعرف حريته أخاً أو صديقاً فتضايق كثيرون من أتباعه وخاف الجمهوريون عاقبة هذه الصرامة فحسبوا أن هذه التدقيق يكثر أعداء حزبهم ويقوي جيوش أضدادهم فهرعوا إليه وقالوا لقد تجاوزت حد الاعتدال والحكمة في تنفيذك القانون فبعض هذه الشرائع مضر بالمدينة إذا صار تنفيذها حسب منطوقها الحرفي. فأجابهم أنني مسئول عن تنفيذ الشرائع كما أجدها فإن تكن غير موافقة فليبادر المشرعون إلى تغييرها.

ولما أنتخبته ولاية نيويورك حاكمها كانت أشد حملاته على الفاسدين من رجال حزبه فشعر يومئذ بنفوذ أهل المال وتأثيرهم في نواب الشعب واشترائهم الأمتيازات بالأموال وإدراك أن هذا هو الخطر الذي يسرع بالحكومات النيأبية الديمقراطية إلى الفساد والانحلال فتألمت نفسه الحرة لاسيما وأن أكثر أصحاب الأعمال والأموال هم من حزبه.

لما شبت الحرب الاسبانية استقال من منصبه وكان مستشار وزارة البحرية وتطوع لمقاتلة الأسبأن فقاد فرقة من الخيالة المتطوعين وقد سطر التاريخ له البسالة والشجاعة في موقعه (سان جوان) وملكته شجاعته قلوب مواطنيه.

فلما اجتمع زعماء الحزب الجمهوري في فيلادلفيا سنة 1900 م لترشيح رجلين للرئاسة ولنيابة الرئاسة كان روزفلت يومئذ (أسد الشعب) فظن كثير من الكتاب ورجال السياسة أن مجلس الأمة سيرشح روزفلت للرئاسة ولكن رؤساء الحزب وقد عرفوا استقلال وجدانه وقوة أرادته سعوا إلى إبعاده عن الرئاسة فأشار الداهية بلات مدير الحزب الجمهوري في نيويورك أن يرشحوا روزفلت لنيابة الرئاسة أملا أن يقلدوه ذلك المنصب القليل الخطر من حيث والنفوذ فيرضون بذلك الشعب الذي يحب روزفلت ثم يضعون في هذا منصب الرئاسة رجلاً يصغي إلى أقوالهم ولا يحارب مصالحهم وكان ما كان من ترشيح مكنلي للرئاسة وروزفلت لنيابة الرئاسة وفوز الإثنيين في ذلك المعترك على زعماء الحزب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015