واحد من مدرسة دار المعلمين وكان يطال ببصره إلى ما وراء الأفق باحثاً عن مكان يلجأ إليه للتحقيق والتتبع ثم انجذب دفعة واحدة بما فطر عليه من الاستعداد نحو ألمانيا تلك الأرض التي أجمع هو وأصدقائه وأساتذته على أنها الوطن الثاني للذين يحيون ليفكروا ويدأبوا فكانت حجرة عملة في زقاق (أولم) تردد أصداء نغمات وادي ألب ووادي أردر على جميع الشبأن العاملين الأذكياء الباحثين عن الحقيقة في تلك الديار وهي ملجأ المتخرجين في مدرسة دار المعلمين الفرنسية من أراء الفلسفة القديمة.
يسير علم اللغات نحو التكمل والنشوء في بافيرا وسكسونيا وبوم رانيا بجميع فروعه حتى أصبح أفاضل فرنسا مدينين لكليات ليسبيك وبون وهالة وغوتنغن. وأني لار نست رنان أن يضع كتابه حياة المسيح لولا أبحاث استر وس في أصول اللغات وهذا غاستون بوفاسيه أحد أعضاء المجمع العلمي الفرنسي يعترف بأنه تلميذ مومسن المؤرخ الألماني وهؤلاء فو كار وجورج برو وميكائيل بريال والبرد ومن قد بنوا مؤلفاتهم كلها على أفكار علماء ألمانيا شاكرين وكذلك القصصيون في فرنسا قد ساروا وفي مقدمتهم غاستون باري تحت لواء الأستاذ ديبز الشهير.
مرت على المسيو مونو في دار الأستاذ وايج أمام كلية غوتنغن ليال حفل وطابها بالفوائد الجمة وهنا يلقي الأستاذ على مونو وعشرة من رفاقه مباحث حافلة وخطابات ممتعة في فقد التاريخ وفلسفته حتى قال مونوكانت هذه الدروس تبث في أفكارنا انتظاماً ووضوحاً وكنا متلذذين بما نشعر به من حب العلم والحقيقة وإبداء صفحة الوجوه لهما. كان وايج ذا فطرة ملكية تلاءم علمه في تربية أفكارهم أكثر من اجتهادي في التأليف وأظنني نجحت. ذلك لأن كتبي ستذهب بها الأيام إلى زوايا النسيان ولكن اسمي ستتلقاه العصور بعضها عن بعض ما دامت أعمال تلاميذي ومباحثهم العلمية باقية
فمثل آراء هذا الأستاذ الفاضل تهذب الألمان وأحسوا بوجوب الانتقام من الفرنسيس وبمثل هذا التهذيب تمثلت كوائن بسمارك وحركته السياسية.
وبينا كان جبرائيل مونو متطوعاً في خدمة جرحى حرب السبعين تحت قيادة المارشال ما كما هون والجنرال أرول بالادي الفرنساويين حدث أن صادف أكابر لغويي الجرمأن في لباس أفراد الجند البروسي فدهش لذلك ووقف ذأهلاً معجباً.