مجله الرساله (صفحة 48754)

من شأن غيره من مؤلفات البلاغة وعز على أن يأتيه النقص من أحد جوانبه ضنا بأدب الزيات أن يعتوره غبن في الأجيال المقبلة.

قال الأستاذ - نفعنا الله بعلمه - في كتاب دفاع عن البلاغة صفحة 72 المطبوع سنة 1945 ما يأتي:

(إن بلاغة التوراة والإنجيل في العبرية لا مساغ للشك فيها ولكنك تقرأهما في العربية فلا تجد أثرا لهذه البلاغة ذلك لأن الذين ترجموهما إلى لغة القرآن لم يكن لهم بآدابها علم فوضعوا لفظا مكان لفظ ولم يضعوا أسلوبا مكان أسلوب فجاءت الترجمة موضوعية عجماء لا تشبه لغة من لغات الناس في لون ولا طعم ولا شكل.) انتهى

يشعر الأستاذ الجليل بقوله هذا أن الإنجيل قد كتب باللغة العبرية والإنجيل مكتوبات متى ومرقس ولوقا ويوحنا وربما تناول أيضاً باقي أسفار العهد الجديد باليونانية ومعناه بشارة أو خبر مفرح.

والنصرانية تعتبر الإناجيل الأربعة سندا تاريخيا تغترف منه براهين تاريخية لتأسيسها ونظامها الداخلي وما كانت الأناجيل كتاب بلاغة في العبرية عند اصل وضعها.

فإن متى صاحب السفر الأول من الإنجيل قد كتب سفره ما بين سنة 44 - 50م بلغة التخاطب الشائعة في عهد المسيح بين يهود فلسطين وتلك اللغة هي السورية الكلدانية أو الآرامية

والإنجيل الثاني ينسب إلى مرقس وعلماء آباء النصرانية مجمعون على إن مرقس كتب في رومية للرومانيين تعاليم بطرس الرسول وكتب باللغة اليونانية بعد سنة 62م.

والسفر الثالث من الإنجيل يعزى إلى لوقا وقد كتبه في رومية زهاء سنة 62م باللغة اليونانية أيضا.

أما السفر الرابع من الإنجيل فقد كتبه يوحنا في أواخر القرن الأول من الميلاد يوم كان في جزيرة باطمس ويروى في أفسيس وقد اتخذ اليونانية أداة لكتابته.

يظهر مما سبق أن الأناجيل قد كتبت في غير العبرية ولم تترجم من العبرية إلى العربية. أما بلاغتها في العبرية بعد أن ترجمت إليها فمسألة ليس من السهل الجزم بها ولا يتأتى لمن يجهل العبرية أن يتهجم على مثل هذا الشأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015