وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول لهم: "كلكم بنو آدم، وآدم خلق من تراب؛ لينتهين قوم يفتخرون بآبائهم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان" [4] .
والله - عز وجل - يقول في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [5] .
وما دام الناس كلهم أولاد آدم - عليه السلام - فكيف يفرق بينهم في النسب؟ وكيف يفخر بعضهم على بعض؟
وما دام الناس جميعا من أب واحد وأم واحدة فكيف يسوغ التخاصم والنزاع؟
إن الأولى للناس جميعا أن يتعارفوا وأن يأتلفوا، وأن يكونوا جميعا في منزلة واحدة أمام قوانين النظام الذي ردهم على أصلهم، ونهاهم أن يفتخروا بآبائهم.
قال الشاعر:
الناس من جهة التمثيل أكفاء
أبوهم آدم والأم حواء
فإن يكن لهم في أصلهم شرف
يفاخرون به فالطين والماء
ومن أجل تحقيق تلك المساواة كانت التكليف عامة لم يكلف بها جنس دون جنس، وكانت الواجبات عل الجميع سواء بسواء لم يعف منها أحد مهما كان.
كذلك كانت المحظورات محظورات على كل المسلمين لم يستثن منها أحد مهما كان شريفا، والمنهيات محرمة على الجميع لم يعف مها مسلم قط.
وهكذا كانت المساواة في الحقوق والواجبات من خصائص تلك المدرسة ومميزاتها.
وباجتماع تلك الخصائص في مدرسة الدعوة تفوقت الدعوة على كل ما عداها، وأصبحت مدرستها فريدة في نهجها، فذة في تربيتها، وحيدة في تفوق نتائجها.
ولقد أصبحت هذه الخصائص شعارات لتلك المدرسة عرفت بها، وغرستها في قلوب طلابها، فآمنوا بها إيمانا أصبح واقعا عمليا في حياتهم، وكانوا النماذج الحية التي يراها الناس لتلك الدعوة بسلوكهم قبل كلامهم، وبواقعهم قبل دعايتهم.