غير أن رأيا عاما كان منتشرا بينهم وهو قرب مقدم النبي الذي تحدثت عنه الكتب السماوية وملأ خبره أرجاء الجزيرة العربية.
وقد حدثنا القرآن عن هذه الأنماط المختلفة من العرب وذوي العقائد المتباينة وخاطبهم جميعا ومنهم من كان ينكر الخالق ويقول: {مَا هِيَ إلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ} .
ومنهم من كان يعترف بوجود الخالق ولكنه ينكر البعث ويقول: {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} . وكان معتنقو الأديان الكتابية على خلاف فيما بينهم {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ} .
وعلى الرغم من وجود هذه المعتقدات والآراء، إلا أن التاريخ لم يثبت أن هذه المعتقدات والآراء كانت تقوم على منهج عقلي أو فلسفي واضح ولم يتح للعرب أن يبلوروا هذه المعتقدات في فلسفة فكرية ذات قواعد ومنهج محددين، بل كانت قاعدتهم الفكرية هي قولهم: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} . وهذه القاعدة من شأنها أن تحجر على الفكر: النظر والبحث والتأمل، وبالتالي توقف النمو العقلي عن الوصول إلى الحقائق المتصلة بالإنسان والكون والحياة ماديا وروحيا.