ولقد ظهر لي هذا الأمر في كثير من المسلمين هناك، وهو أنهم لا يحبون أن يعترفوا بالنقص في العلم، وإذا أخذوا العلم عن غيرهم فإنما يأخذونه اضطرارا مع عدم إظهار الحاجة، على عكس ما هو موجود في بلاد الشرق لا سيما الهند وباكستان وأندونيسيا وغيرها، وهذا داء يجب أن يعالج.
وعلى من يريد ان يعلم القوم هناك أن يعرف هذا المعنى ويدخل عليهم من الباب الحكيم الذي يراه مناسبا.
مع طلابنا المبتعثين:
وبعد صلاة الجمعة التقينا بالأخ أحمد داود المزجاجي أحد الطلبة السعوديين المبتعثين من جامعة الملك عبد العزيز بجدة، وهو يحضر الدكتوراة في الإدارة، وهو من الشباب الصالح الذين يعتبرون نادرين في تلك البلاد (ولا أزكي على الله أحدا) .
ولقد قابلنا بحرارة، كانت كلمته التي افتتح بها كلامه بعد السلام أتلبس هذا اللباس ونحن هنا نلبس لباس الإفرنج؟ ثم طلب منا زيارته في منزله، وعندما حاولنا أن نجلس معه في المسجد أو يذهب معنا إلى الفندق أصر على زيارته فذهبنا معه إلى شقته الصغيرة التي وجدنا فيها أثاثه قد ربط استعدادا للسفر إلى بلاده في إجازته التي توافق آخر شهر شعبان وشهر رمضان المبارك.
وكانت علامة سروره للسفر إلى بلاده بادية على وجهه، وكان معه بعض الطلبة من زملائه من بعض البلدان العربية وهم مثله صالحون، وأخذنا نتبادل الحديث عن الشرق والغرب، وكان الحديث يدور حول البلاء الذي انتشر في البلدان الإسلامية بسبب الأفكار الهدامة الغربية على الأمة الإسلامية في العقيدة والسلوك والتشريع والسياسة والاجتماع وغير ذلك، وإن قسطا كبيرا من هذا البلاء يحمله المبتعثون إلى الدول الغربية الذين يعودون إلى بلدانهم بأدمغة تحمل عفن التفكير الغربي في المجالات المذكورة، مع الجهل بكثير من العلوم النافعة المفيدة التي توجد في الغرب والتي ابتعثوا - أصلا - من أجلها.