لذلك اتصل بمدير الفندق وطلب منه حجز غرفة بسريرين كما طلبنا وعندما وصلنا إلى الفندق ودخلنا مكان الاستقبال همست لزميلي خلسة من الأخ محمد نور: ألا تظن أن هذا الفندق هو الثاني؟ فرد هامسا أيضا: سننظر.
ودخل علينا زنجي كبير السن يتخبط في مشيه، فاغرا فاه، ولسانه شبه معول، وهو يمد يده على أكتاف الناس فاتضح أنه سكران ورأينا أشباهه في الشارع أمام الفندق، وكنت أقول في نفسي اللهم سلمنا من هذا الفندق كما سلمتنا من فندق لندن.
المصعد والعصا:
وبعد الإجراءات اللازمة دخل معنا الفرَّاش في المصعد الذي يفتح ويقفل بيد شبيهة بيد الباب. وبيد الفراش عصا لا ندري لماذا يحملها ولكن قلت في نفسي: إما أن يكون بعض نزلاء الفندق يفقدون وعيهم من السكر ويعتدون عليه أو على النزلاء الآخرين فيحاول أن يدافع بعصاه، أو يكون في الفندق ثعابين وعقارب لكثرة أوساخه ومداخله القديمة المتداعية، وكلا الأمرين بلاء، وإذا أراد أن يوقف المصعد فإنه يبدأ بمعالجته في الدور السابق للدور الذي يريد إيقافه فيه.
أسف وتسلية:
أوقفنا عند باب حجرتنا المطلة على الشارع وأخذ يدفع الباب الخشبي القوي فانفتح ودخلنا الحجرة وأخذنا ننظر في أرجائها نظرة نفور واشمئزاز وأحس ذلك أخونا محمد نور الذي أبدى أسفه لنا وذكر قصة الاختيار وسببه فطمأناه بأن الأمر سهل وأن فندق لندن قد سبق فندق روزفليت، ويمكننا أن ننتقل منه غدا بإذن الله وهذا فندق تاريخي يحمل اسم زعيم كبير.
ثم قلت له بعد ذلك: أن إبليس هو قدوة هؤلاء القوم فقد وصف العصيان وثماره السيئة بأوصاف مغرية فقال لآدم: {هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى} وإضافة إلى ذلك فإن زعماء الكفر لا يمكن أن يأتينا منهم خير، فأراد الله أن يثبت ذلك حتى في أسمائهم لئلا نركن إليهم أي ركون، كانت نكات لطيفة.