4- لم يقتصر الأمر على الفرَاء بل جاء بعده غيره ممن له مكانته وقال بمثل ذلك.
كابن جني فهو القائل: "ما قيس على كلام العرب فهو من كلام العرب" [14] والقائل: "ليس كل ما يجوز في القياس يخرج به سماع. فإذا أخذ إنسان على مثالهم وأمّ مذهبهم لم يجب عليه أن يورد في ذلك سماعا، ولا أن يرويه رواية" [15] .
وقال بقياسية مصدر الثلاثي أيضا الزمخشري. ومكانته معروفة [16] .
ونقل عن أبي حيان أنه قال: "إنما نبني المقايس العربية على وجود الكثرة" [17] .
وعلى ذلك تصاغ مصادر الفعل الثلاثي على النهج الغالب في كلام العرب، وقد يكون هذا المصدر الذي تنطق العرب بلفظه نصا غريبا على الأسماع، ولكن هذه الغرابة وتلك الوحشة تزولان بالاستعمال.
ولا يتحتم استعمال هذا القليل. بل يعتبر من النادر في كلامهم الذي لا يقاس عليه. ويسمى: مصادر سماعية- مصادر شاذة- مصادر قليلة الاستعمال- أو غير ذلك من الأسماء الدالة على قلتها وندرتها.
ولذلك نظير في مصادر الأفعال الرباعية التي قال الصرفيون بقياسيتها، فقد قالوا: فاعل مصدره-. (المفاعلة) و (الفعال) والثاني قليل بالنسبة للأول، ويتعين تركه فيما فاؤه ياء مثل (ياسر- يامن) - أخذ بيساره أو بيمينه- وتجب فيه (المفاعلة) فنقول: ميامنة ومياسرة ويمتنع أن نقول على الوزن: يمان ويسار بكسر الياء فيهما، لثقل الكسرة على الياء في أول الكلمة وشذ ياومة يواما ـ المعاملة بالأيام ـ حكاه ابن سيده وحكى مياومة على القياس [18] فنقول في مصدر الثلاثي أيضا: علم مصدر (علم) وشذ (علم) على أنه يجوز استعمال هذا المصدر المسموع مع المصدر القياسي، فمن شاء استعمال المسموع أو القياس فله ما شاء، فإن استعمال أحدهما مباح، فورود السماع لا يلغي القياس، ولا يمنع استخدام القاعدة المخالفة له.