وسبق أن تعرضت لرأي ابن درستويه في هذا المقام حيث يقول:"عامة أهل اللغة يزعمون أن هذا الباب لا يكون إلا مضموم الأول، ولم يقولوا: إنه إذا سمي فاعله جاز بغير ضم، وهذا غلط منهم، لأن هذه الأفعال كلها مفتوحة الأوائل في الماضي، فإذا لم يسم فاعلها فهي كلها مضمومة الأوائل ولم نخص بذلك بعضها دون بعض وقد بينا ذلك بعلته وقياسه فيجوز: عنيت بأمرك وعناني أمرك، وشغلت بأمرك وشغلني أمرك، وشدهت بأمرك وشدهني أمرك".
ولا شك أن ما بعد هذه الأفعال مسند إليها على الفاعلية، سواء أكان الفعل فاعلا في الواقع وِنفس الأمر، أم كان المتأثر بالفعل وليس في الجملة ما يدل على الفاعل كالحال مع بعض الأساليب التي يكون الفعل فيها مسندا حقيقة إلى الله، ويجئ بعدها الاسم المتأثر بالفعل نظرا لعدم وجود الفاعل الحقيقي خاصة بعض الأفعال جاءت على سمت مخصوص وهو ضم الفاء في غالب استعمالها فيظن بعضهم أنها مبنية للمجهول وملازمة لهذا الشكل نظرا لغلبة استعمال العرب لهذا الشكل ولا يجوز القياس على ما قل وهو ورود الكلمة على ضبط آخركفتح الفاء مثلاً في الفعل الذي ألزم بعضهم ضم أوله يقول ابن جني: [17] .
"وإن كانت إحدى اللفظتين أكثر في كلامه من صاحبتها، فأخلق الحالين به في ذلك أن تكون القليلة في الاستعمال هي المفادة، والكثيرة هي الأولى الأصلية، نعم، وقد يمكن في هذا أن تكون القليلة منهما إنما قلت في استعماله لضعفها في نفسه، وشذوذها عند قياسه، وإن كانتا جميعا لغتين له ولقبيلته وذلك أن من مذهبهم أن يستعملوا من اللغة ما غيره أقوى في القياس منه".