وتفتقت ذاكرة أبي جميل عن أشياء وأشياء.. وتذكر فيما تذكر تلك الاتهامات الخبيثة التي طالما سمعها من أعداء الشيخ، يروجونها عنه ليفسدوا ثقة الناس به سمعهم يتهمونه باستنزاف أموال مريديه ليشتري بها المزيد من المتاع والعقار.. حتى إنهم لم يتورعوا عن اتهامه بسحب السجادة التبريزية الكبيرة من المسجد ليزين بها منزله.. بل لقد جاوزوا ذلك إلى ميدان السياسة.. قاتل الله السياسة ومن يشتغل فيها.. فرموه بتأييد الملاحدة، وإطراء الشيوعية ومساندة الطغاة من الحكام، مقابل سكوتهم على مفاسده.. وإغضائهم عن سلبه أموال المساكين والمخدوعين..!

ولم يستطع الاستسلام طويلا لهذه التصورات.. وامتلأت نفسه بالاشمئزاز من هؤلاء الأعداء وراح يهمس: ألا قبحا لهؤلاء المفترين!.. لقد سمموا الجو من حول الشيخ.. وهاهم أولاء الآن يكادون يسممون نفسي بهذه المفتريات.. التي لا وجود لها إلا في مخيلاتهم!..

ولم يستطع - وهو يعلن هؤلاء الخصوم - إلا أن تعجب من براعتهم في اختلاق العيوب للشيخ حتى اسمه نفسه لم يسلم من هؤلاء الخبثاء، فراحوا ينسجون حوله الأقاصيص زاعمين أن أباه سماه فاضلا ولكن الناس الذين رأوا مناقبه فيما بعد نقلوه إلى فويضل!! استصغارا لشأنه واستنكارا لمسلكه. ولكنهم بدون ريب كاذبون.. كاذبون.. ولعن الله الكاذبين!

وهنا وجد نفسه يتساءل: ولكن أحقا لا وجود لهذه الأشياء خارج مخيلات هؤلاء!؟ ألا يحسن بالإنسان أن يفكر ويبحث! وهل مجرد التفكير في مثل ذلك يعد من عمل الشيطان..

ومرة أخرى تتفتق ذاكرته.. ويتذكر ويتذكر.. يتذكر أن الشيخ قد سافر فعلا إلى موسكو.. وعاد ليحدثهم عن الإسلام الظافر هناك وعن سعادة المسلمين في ظل الشيوعية.. أفكان يصف الواقع أم كان - كما زعم مبغضوه - تاجرا يؤدي ما قبض ثمنه..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015