كما شرعت الشريعة الرخصة والتخفيفات في العبادة، وذلك حين تعرض للإنسان ظروف تقعده عن أداء العبادة في صورتها الكاملة، وذلك كظروف المرض والسفر ونحوهما.
والفقه الإسلامي يؤكد أن التكاليف شرعت على أساس واضح من قاعدتي رد الحرج والتخفيف عن الناس، وبتتبع مواطن هذا التخفيف في الشريعة تجد من مظاهره الآتي:
1- تخفيف بالإسقاط.. وذلك كإسقاط الحج والصوم والجهاد ونحوهما من العبادات كصلاة الجمعة مثلاً، كل ذلك بأعذار مفصلة في كتب الفقه الإسلامي..
2- تخفيف بالتنقيص: مثل قصر الصلاة الرباعية للمسافر إلى اثنتين.
3- تخفيف بالإبدال، كإبدال الوضوء والغسل بالتيمم عند فقد الماء، أو المرض.
4- تخفيف بالتقديم والتأخير، كتقديم صلاة العصر إلى وقت الظهر، وكتأخير صلاة المغرب إلى وقت العشاء عند حصول الأسباب المبررة لذلك..
5- تخفيف بالتغيير.. وذلك كتغيير هيئة الصلاة المعروفة وقت خوض المعركة مع العدو، أو الخوف منه، مما يسمى في الفقه بصلاة الخوف، وصلاة الالتحام.. الخ.
هذه بعض مظاهر اليسر والسماحة للشريعة في العبادات، ومراعاتها لواقع الإنسان وما يعتوره من ظروف..
لكن لابد من وقفة هنا لتوضيح أمر قد يتبادر إلى بعض الأذهان، فتتأوله أغراض وتميل به أفهام.. وهو.. أنه ليس معنى التخفيف في الإسلام أن هذا الدين لا يعود أتباعه إلا على السهل الخفيف دائماً، فيقتل في نفوسهم روح الرجولة والجد والإقدام، ويعودهم على الطراوة والمستويات الدنيا..
لا.. إن الإسلام، يأخذ أتباعه بالتكاليف التي تبني الفضائل، وتصعد إلى الكمال وتتيح للخصائص العليا في الإنسان أن تنطلق..
إنه يأخذهم بالشجاعة في ميدان القتال، والشهامة والمروءة في باب المعاملة، والكثرة في ميدان العبادة والتهذيب في ميدان الأخلاق..