لم تثقل على الناس بكثرة التكاليف، ولم تكلفهم رهقاً، فالله الرحيم بعباده يعلم أن في عباده ضعفاً، وأن وراءهم شغلاً لقوم حياتهم وتحصيل أرزاقهم ومن ثم كلفهم بعبادات محدودة لا تستغرق كل الوقت، ولم يطلب منهم الانقطاع للعبادة كالرهبنة المسيحية حتى لا يؤثر ذلك على سير المصالح ودولاب الحياة..
وفي الوقت نفسه لم تجعل الشريعة ارتباط الإنسان بالعبادة ارتباطاً خفيفاً على ندرة حتى لا يتبلد حسه، ولا تهبط روحه، وإنما شرعت له من العبادات ما يكفي لتهذيب خلقه، وسمو روحه وسلوكه، بحيث يكون دائم الاتصال بالله رب العالمين فجعلت له عبادة يومية تؤدي خمس مرات كل يوم، وتتراوح بين أجزاء اليوم كله وبعضاً من الليل.
وجعلت عبادة سنوية كالصوم والزكاة، وعبادة في العمر كالحج..
ومع قلة التكاليف يسر في الأداء كذلك. فالصلاة مثلاً تستغرق حدود الساعة من يوم طوله أربع وعشرون ساعة..
والصوم شهر واحد من سنة طولها اثنا عشر شهراً، ثم إن وقت الصيام هو النهار فقط، أما الليل فللإنسان أن يتمتع فيه بكل حلال مباح..
والحج مرة واحدة للمستطيع..
والزكاة كذلك مرة واحدة في العام على الغنى الذي ملك النصاب، حال عليه الحول..
وإذا كانت تلك إشارة موجزة إلى الفرائض، لكن تأتي النوافل والقربات لمن أراد أن يترقى في ميدان الأعمال الصالحة. {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} [16] .
ب- التنويع والتلوين:
عرف الإسلام طبيعة الملل في الإنسان، فغاير بين أنواع العبادات وأشكالها، ما بين عبادة بدنية كالصلاة والصيام، وأخرى مالية كالزكوات والصدقات وثالثة جامعة بينهما كالحج والعمرة، حتى لا يسأم الإنسان من عبادة واحدة رتيبة لا تتغير.
جـ- الرخص والتخفيفات: