قال: فهم أن يدفع إليه عتبة. فقالت له: "يا أمير المؤمنين مع حرمتي وخدمتي تدفعني إلى بائع جرار متكسب بالشعر؟ ". فبعث إليه: "أما عتبة فلا سبيل لك إليها وقد أمرنا لك بملء برنية مالا" [6] .
وكان يتجاسر على التشبيب بها في مقدمة مدائحه للمهدي فقد روى الحافظ بن عبد البر في مقدمته لديوان شعر أبو العتاهية أن الشعراء حضروا يوما عند المهدي فقدم أبو العتاهية في الإنشاد فقال بشار بن برد لأشجع السلمي: "يا أخا سليم من هذا الذي قدم للإنشاد علينا؟ أهو ذلك الكوفي الملقب؟ ". قال: "نعم". فقال بشار: "لا جزى الله خيرا من جمعنا به أيستنشد قبلنا؟ ". فقال له أشجع: "هو ما ترى". . فأنشد أبو العتاهية:
تدل فأحمل إدلالها
ألا ما لسيدتي ما لها
جنيت سقى الله أطلالها
وإلا ففيما تجنت وما
م قد أسكن الحب سربالها
ألا إن جارية للإما
تجاذب في المشي أكفالها
مشت بين حور قصار الخطا
وأتعب باللوم عذابها
وقد أتعب الله نفسي بها
فقال بشار: "أبهذا الشعر يقدم علينا؟ ". فلما أتى على قوله:
إليه تجرر أذيالها
أتته الخلافة منقادة
ولم يك يصلح إلا لها
فلم تك تصلح إلا له
لزلزلت الأرض زلزالها
ولو رامها أحد غيره
لما قبل الله أعمالها
ولو لم تعطه نيات القلوب
إليه ليبغض من قالها
وإن الخليفة من قول لا
فاهتز بشار طربا، وقال: "يا أخا سليم أترى الخليفة لم يطر طربا عن فراشه لما يأتي به هذا الكوفي؟ ".
وقضى أبو العتاهية مدة طويلة يتغزل بعتبة حتى شاع فيها شعره، فأمر المهدي بجلده وإدخاله السجن، ولم يعف عنه إلا بشفاعة خاله يزيد بن منصور الحميري [7] .