ز – وقيل إن عبارة "يستنجي بالماء "الواردة في حديث أنس المتقدم ليست من لفظ أنس، بل هي من قول أبي الوليد: - أحد الرواة عن شعبة - واستدل على ذلك بأن سليمان بن حرب رواه عن شعبة فلم يذكرها، وقال: فيحتمل أن يكون الماء لوضوئه [101] . وعليه فلا يكون في الحديث دلالة على ثبوت الإستنجاء بالماء.

وما حكاه ابن التين عن أبي عبد الله الملك البوني؛ من أن قوله:"يستنجي بالماء "مدرج من قول عطاء الراوي عن أنس، فيكون مرسلاً فلا حجة فيه [102] .

مناقشة أدلة هذا الفريق والرد عليها:

أ، ب، جـ – ما نقل عن حذيفة وابن عمر وابن الزبير رضي الله عنه ليس فيه نفي ورود الإستنجاء بالماء عن الرسول عليه الصلاة والسلام أو كراهية فعله. بل غاية ما يفيده؛ أنهم كانوا لا يستعملونه بل كانوا يستعملون الأحجار. أو كان ذلك منهم على سبيل المبالغة لدفع قول من يقول بتعيين الماء لإزالة النجاسة الباقية على أحد السبيلين.

وقد نقل عن ابن عمر "أنه بال بالمزدلفة فأدخل يده فنضح فرجه من تحت ثيابه " [103] .

د – أما ما نقل عن مالك من إنكاره ثبوت الإستنجاء عن الرسول عليه الصلاة والسلام فهو غريب إذ الثابت عن مالك هو تقديم الإستنجاء بالماء، حتى أنه إذا استجمر بالحجارة مرة وصلى فإنه ينبغي أن يستنجي بالماء ذلك لما يستقبل.

قال ابن القاسم: وقال مالك:" لا يستنجى من الريح ولكن إن بال أو تغوط فليغسل مخرج الأذى فقط؛ إن بال؛ فمخرج البول الإحليل، وإن تغوط فمخرج الأذى فقط " [104] .

وقال ابن القاسم أيضاً: قلت لمالك؛" فمن تغوط واستنجى بالحجارة ثم توضأ ولم يغسل ما هناك بالماء حتى صلى ". قال:"تجزئه صلاته وليغسل ما هناك بالماء فيما يستقبل" [105] .

وكذلك قواعد المذهب المالكي؛ فإنها تقضي بأفضلية تقديم الماء على الأحجار إذا تعذر الجمع بينهما. وبالجملة؛ فإن مراتب الإستنجاء عندهم خمس:

1- ماء وحجر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015