وقد يفهم من كلام صاحب الحديث أن الثلاث المئات هم الذين بقوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد المنفضين، وهو رأي مردود أيضا؛ لأنه يعنى أن كثرة الخارجين مع الرسول كانوا يومئذ من المنافقين الذين جعلوا يتسللون لواذا زاعمين أن بيوتهم عورة، ولو صح هذا التوهم لطمع المنافقون بالقلة المؤمنة، ولأسرعوا بالاتفاق مع الغزاة على استئصال الإسلام.. وإنما منعهم من ذلك يقينهم بضعفهم، وبخاصة بعد غزوة أحد التي كشفتهم، إذ لم يتجاوزون المئات الثلاث ثم جعلوا يتناقصون بما شرح الله صدور بعضهم للإسلام، حتى لم يبق حول رأسهم ابن سلول إلا القليل الذي لا يؤبه له..

والحديث عن يوم الأحزاب يستدعى التوقف عند ذكر نعيم ابن مسعود - رضى الله عنه - الذي كان له دوره الفعال في مصير الغزوة، وتخذيل المتخالفين من أهل الشرك ويهود قريظة.. ولكنه لفظ اسمه بفتح النون، وهو مضبوط في سيرة ابن هشام، بضمها على التصغير.

ولعل الأديب الفاضل يستدرك هاتين الهفوتين عندما يتجه لنشر أحاديثه النافعة في كتاب نرى أن يكون مخرجه قريبا إن شاء الله.

4- وللعربية - لغة القرآن العظيم ووسيلة الدارس إلى فهم مراد الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم - حظها من أغاليط الكتاب والمؤلفين أيضا، فضلا عن عدوان الكارهين لها المؤتمرين بها.. فلها من أجل ذلك على الأقلام المؤمنة حق الدفاع عن حياضها ما وجدوا إلى ذلك سبيلا، وسأضع بين يدي القارئ في هذا التعقيب بعض النماذج لما نواجهه من هذه الأغاليط.

في كتاب يقدم نفسه بعنوان: (طريق النجاح في القواعد والإعراب) وجدتنى أطالع في بعض تدريباته البيت التالي:

ثُبْت أن أبا قابوس أوعدني

ولا قرار على زأر من الأسد

ثم يليه هذا الشرح العجيب: لقد أخبرني الناس بأن أبا قابوس يتوعدك وينذرك؛ فقلت لهم: ألقوا عنكم هذا، فأبو قابوس ووعيده لا يساوى عندي جنح بعوضة!..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015