إن العبد المؤمن الموحد يقر موقناً أن الله وحده هو مدبر كل أمور هذا الكون ومصرف شئونه- فهذا إبراهيم- خليل الله- عليه السلام يعلن ذلك في صراحة عبر عنها قوله تعالى: {قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ, أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ, فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ, الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ, وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ, وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ, وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ, وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [69] .

وتدبير الله تبارك تعالى وتصريفه يتم فور الأمر به بحرفين (الكاف النون) . يقول سبحانه: {وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [70] ويقول: {إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [71]- ويقول: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [72]- ويقول: {سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [73] ويقول: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [74] .

فهل يملك إنسان مهما أوتي من قوة وثروة وسلطة أن يدبر أمراً في هذا الكون أو يصرف شأنه بقوله: كن فيكون ما يريد؟ لا يجرؤ أحد إلا أن يجيب بالنفي وعلى من يرون الإجابة بالإثبات أن يقولوا لأنفسهم ومن يلف لفهم: {هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} .

مقتضى الإقرار بالربوبية:

ويقتضى الإقرار بالربوبية أن العبد لا يعتقد نفعاً ولا ضراً، ولا حركة ولا سكوناً ولا قبضاً ولا بسطاً، ولا خفضاً ولا رفعاً، ولا أعطاء ولا منعاً، ولا إحياء ولا إماتة، ولا تدبيراً ولا تصريفاً، إلا والله سبحانه وتعالى هو فاعله وخالقه، لا يشركه في ذلك ولا يملك واحد منه شيئاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015