القرآن أيضا نقدم قصة السَّبَئِييَّن: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيل ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} فما طُلب منهم مقابل هذا العطاء العظيم إلا أن يأكلوا ويشكروا، فما أرهقوا بخراج ولا أثقلوا بمغرم، فعن الأكل أكلوا، وعن الشكر أعرضوا، فجوزوا بالعقاب الرهيب الذي ذكرته الآية، فهم أيضا لم يعلنوا كفرهم بربهم، وإنما كفروا بنعمته لما أعرضوا عن شكرها، فغرقوا في مستنقع الكفر بالله إلى رءوسهم كإغراق سيل العرم لزرعهم، ويقرر ذلك باستفهام التقرير مع حصر المعنى بأن جزاءه هذا لا يقع إلا للكافر والمبالغ فيه {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلا الْكَفُورَ} ، وغير هذا من وقائع كثيرة مذكورة في القرآن، كقصة القرية التي كفرت بأنعم الله، فأذاقها الله لباس الجوع والخوف، وكقوله: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} أي كفرت نعمتها، وأصحاب الجنة التي أصبحت كالصريم، لما انطلقوا وهم يتخافتون ألا يدخلنها أي مسكين، والذي عاهد الله لئن آتاه من فضله ليصدقن وليكونن من الصالحين، فلما آتاه من فضله خان عهد الله ومنع الصدقة، فكان أن طرد من رحمة الله نهائيا، وشبيه بذلك كل مانع للزكاة، إجماع على أنه يقاتل ودمه هدر، والسنة أيضا زاخرة بذلك، فكلكم يعلم بماذا قضى على الأقرع والأبرص، لما أنكرا نعمة الله في حديث الصحيحين المشهور عن الثلاثة، حيث فاز الأعمى بشكره للنعمى، وخسر الآخران بكفرهما بها، وكذا ما روي عن النعمان بن بشير رضي الله عنه بسند صحيح، قوله صلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015