كم من عقيلة معشر معقولة
ولداه وداً أنه لم يولد
كم من وليد بينهم قد ودً من
يبكي لآخر في الكبول مقيد
كم من تقيٍ في السلاسل موثق
ما بين حد ذابل ومهند
وشهيد معترك توزعه الردى
ورقً لهم من قلبه كالجلمد
ضجت ملائكة السماء لحالهم
ثم يقول:
وسيوفكم للثأر لم تتقلد
أكذا يعيث الروم في إخوانكم
خمدت وكانت قبل ذات توقد
يا حسرة لحمية الإسلام قد
فشعر كهذا مثير للحفائظ محرك للمشاعر، فقد استعمل فيه الشاعر القلم والريشة فجاءت صورة واضحة المعالم تستلفت النظر، وتستوقف العجل ثم يبالغ في استثارة المشاعر الدينية والعواطف الإنسانية، فيذكر ما حل بالمساجد التي حولت إلى كنائس والمآذن التي تعطل الأذان فيها، وارتفع من فوقها صوت الناقوس والمحاريب التي خلت من الركع السجود، وعمرت بكل معاند متكبر لا ينطق بشهادة التوحيد.
وقد كان للنصارى تقاليد معينة في تحويل المساجد إلى كنائس، فما إن يفتحوا بلداً، وتتم لهم السيطرة عليه حتى ينتظموا في موكب فخم يتقدمه الكهنة وفرسان الجماعات الدينية، ويتجهوا صوب المسجد وهم ينشدون أناشيد الحمد والثناء ثم يتم تحويله إلى كنيسة، ويرفع فوق ساريتها علم النصر [13] .