فالإسلام هو الدين الذي يجمع بين المسلمين على اختلاف أجناسهم وتباعد أقطارهم ويجعل منهم إخوة يأسى يعضهم لجراح بعض، ويسمو بأرواحهم إلى الملأ الأعلى، ويكوّن. منهم وبهم قوة تهوي على رأس العدو وتحطمه، فهم على الله متوكلون وبنصره واثقون، فلم الخوف وهو أقوياء، ولم الذل وهم أعزاء، ولم التهيب وركنهم شديد.

ثم يلتفت فيسأل في لهفة وشوق عن رجل قوي اليقين واثق من نصر ربه ليكون غياثا لهؤلاء الضعفاء، فيرد الطمأنينة إلى قلوبهم وسهام الأعداء إلى نحورهم ثم يعتب عليهم بأنهم قبائل لا يحصيها العدد، ولا يعوزها المدد والكفر ممتد رواقه ظاهر في الأرض عيثه وإفساده، فليهبوا للجهاد بأموالهم فهم غيوث هاطلة، وبأنفسهم فهم ليوث ضارية، فقد أظلهم زمانه، وحل بينهم إبانه.

ومما يدخل في شعر المقاومة المديح الذي مجد البطولة، وأثنى على الأبطال، وألهب المشاعر الوطنية، وأضرم القلوب والصدور غيرة وحماسا، ونظر بعين الأمل والرجاء لعله يرى تباشير النصر تلوح من قريب. من ذلك ما قاله أبو جعفر المرقشي من قصيدة يمدح بها أمير المؤمنين يوسف بن عبد الله المؤمن بن علي صاحب مراكش عندما دخل الأندلس، وأخذ يسترجع كثيرا مما أخذه النصارى من المدن مطلعها:

وهامت به عذب الحمام ورودا

أبت غير ماء للنخيل ورودا

يقول:

فأبصر شمل المشركين طريدا

ألا ليت شعري هل يمد لي المدى

تغادرهم للمرهقات حصيدا

وهل بعد يقضي النصارى بنصرة

يعيد عميد الكافرين عميدا

ويغزو أبو يعقوب في شنث يافث

فيتركهم فوق الصعيد هجودا

ويلقي على إفرنجهم عبء ككل

ركوعا على وجه الفلا وسجودا [10]

يغادرهم جرحى وقتلى مبرحا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015